
لماذا لا يمكن
لأي دولة عربية الفوز بهذه البطولة؟ ولماذا غير العرب قادرون على المنافسة والفوز،
سواء من الجانب الأوروبي أو اللاتيني أو حتى الأفريقي في المستقبل القريب؟ ما الذي
عندهم وليس عندنا؟ ما الذي يقومون به ولا نقوم به؟ ماذا يأكلون ولا نأكله وماذا يشربون
ولا نشربه.. إلى آخر قائمة طويلة من الأسئلة التي تطرح نفسها عند كل إخفاقة عربية
في محافل دولية رياضية أو حتى غير رياضية..
لاحظ معي وبعد
أن انتهت منافسات كأس العالم في روسيا قبل أيام، فاز من فاز وخسر من خسر، أن
الجادين سيعملون من فورهم للدورة القادمة المقررة بعد سنوات أربع من الآن.. لا وقت
للتراخي والتسويف. وهذا ما يدعوني للحديث عن قطر، وأقول: بأنه كما فازت قطر بورقة
التنظيم عام 2010 بعد خطة متكاملة مبهرة قدمتها، وتصميم قوي على الفوز بالاستضافة،
جعلتها تتفوق على دول أكثر عراقة وخبرة في مثل هذه الفعاليات، فإن الخطوة التالية
والتي أفترضُ أنها قد تمت منذ سنوات ست مضت على أقل تقدير، هي إعداد ما يلزم
لتحقيق أهداف عديدة من وراء هذه الفعالية العالمية، التي تطمح كل دولة منظمة
تحقيقها، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياحي أو الثقافي الحضاري أو غيرها من
مستويات ومجالات، وإن كان الأبرز والأوضح ها هنا هو المجال الرياضي والمتمثل في
الفوز بالكأس.
·
كيف تفوز قطر
لنعود إلى العنوان الذي يقول: كيف تفوز قطر.. ليفيد بأن
الأمر يحتاج لكيفية معينة للوصول إلى النتيجة المرتقبة أو المنتظرة أو المأمولة وهي
الفوز. وتلك الكيفية تعتمد بالضرورة على رؤية واضحة لهدف معين، ومعرفة تامة بكل
الوسائل المطلوب استخدامها من أجل تحقيق ذلك الهدف، وغيرها من خطوات التخطيط
الاستراتيجي التي يعرفها كثيرون منكم..

·
الاستفادة من
تجارب الآخرين
هناك نماذج عديدة في العالم تصلح لأن تكون
مثالاً لحديثنا هذا، وأن تحقيق الإنجازات لا علاقة له دوماً بحجم البلاد أو كثرة
السكان أو حتى القدرة الاقتصادية للبلد، فإن دولاً ذات جغرافيات محدودة وسكان قليل
وموارد متوسطة، استطاعت أن تبهر العالم في مثل هذه المسابقة وغيرها من فعاليات
رياضية..
الأوروغواي مثلاً وقد أحرزت كأس العالم مرتين.
دولة لا يتجاوز عدد سكانها أربعة ملايين نسمة، ومساحتها مقارنة بالجوار الكبار مثل
البرازيل والأرجنتين لا تُقارن، لكنها موجودة على خارطة كأس العالم منذ نشأتها
ولمرات عديدة، وقد ساعدتها عوامل عدة، منها ذاك الهوس الوطني بكرة القدم، والاهتمام
بالمواهب منذ الصغر. إذ هناك شبكة شديدة الدقة والاهتمام بكرة القدم للأطفال،
تنظمهم وتبث فيهم الحماس من عمر الرابعة، حتى إذا ما تم اختيار الموهوبين منهم، يتم
إرسالهم لاحقاً إلى أوروبا من أجل إكمال مشوار صناعة اللاعبين، كي يستفيد منها
المنتخب القومي بعد ذلك في منافساته الدولية كهدف أسمى.. ولعل أبرز الأمثلة على
هذا، اللاعبان الموهوبان "سواريز وكفاني " وغيرهما من لاعبي المنتخب الأورغواني
المعروفين عالمياً..

·
هل أعدت قطر خطة للفوز بالكأس؟
إن لم يكن قد تم اختيار ثلاثين لاعباً على الأقل في سن
العاشرة ومنذ عام 2011 مثلاً، بهدف تجهيزهم لبطولة 2022 وفق أسس علمية خاصة ببناء وصناعة
الفرق الرياضية المتجانسة، فالاحتمال الأكبر هو أن تكون مشاركتنا شرفية ليست أكثر،
حتى لو كانت هذه الدورة تقام على أرضنا ! أي لا نتائج جيدة مأمولة، وهذه في رأيي، ستكون
ضمن قائمة خسائرنا في هذه الفعالية العالمية.. ولكن سنعتبر هذه فرضية أولى.
إذ ربما هناك فرضية أخرى معاكسة للأولى، تفيد بأن هناك
بالفعل فريق يتم تحضيره وتجهيزه منذ سنوات ولكن بعيداً عن الأضواء. وهذا الذي أرجوه
ويرجوه كل قطري أن يكون واقعاً وحاصلاً الآن، خاصة أن كل عوامل إعداد فريق كرة قدم
ينافس الآخرين ويخطط لكسب كل جولة، لم يعد اليوم بالأمر الخارج عن الإرادة، ولا
بالأمر المستحيل، فإن العقول التي عملت على بناء خطة متكاملة للفوز باستضافة هذا
الحدث، لا أظن أن مثلها من العقول غير موجودة، من أجل أن تقوم منذ وقت مبكر على
إعداد فريق متكامل قادر على أن ينافس ويفوز، وخصوصاً أن أكاديمية رياضية مثل "
سباير" وبقية البنية التحتية لرياضة كرة القدم، تأخذ حيزاً مهماً وكبيراً من
اهتمام الدولة منذ سنوات مضت، وبالتالي هناك توقعات وطموحات مشروعة بأن نتاج كل
هذا الدعم والتخطيط سيكون إيجابياً، بل لم لا يكون كذلك؟

بهذه النفسية وهذا النوع من التفكير، بالإضافة
إلى أنماط أخرى من التأهيل العلمي والرياضي والنفسي للفريق، يمكننا دخول البطولة لمنافسة
حقيقية وتحقيق نتائج، وليس دخولاً لمشاركة شرفية ونكون نقاطاً يجمعها غيرنا. هذا
الأمر، من المفترض ألا يقتصر علينا فحسب، بل على كل العرب. ذلك أن قيام البطولة
على أرض عربية، هي فرصة لمحو الصورة السيئة التي ظهروا عليها في النسخة الروسية من
كأس العالم، وعاملاً داعماً للفرق العربية المتأهلة لاستثمارها، وتحقيق ما لم يتم
تحقيقه خلال قرن من الزمان، هو عمر هذه الفعالية..
فماذا نحن فاعلون؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق