اقرأ الآن وقبل أن تكمل بقية المقال ، سورة الفلق ..
ثم
اقرأ بعدها سورة الناس ثم بعدها أكمل قراءة المقال ..
هل
لاحظت أمراً في السورتين ؟
ستقول
أن فيهما دعوة إلهية للاستعاذة من الشرور كلها..
نعم
هي كذلك .
لكن لاحظ معي أنك في سورة الفلق تستعيذ بالله
مرة واحدة من عدة مصادر للشر .. تستعيذ برب الفلق من شر ما خلق ، سواء كان من
الإنس أم الجن أم الحيوان ، وتستعيذ به من شر غاسق إذا وقب ، أي من كل ما يخرج
بالليل من شرور ، سواء من الجن أم الإنس أم بقية الأحياء ، وتستعيذ من المصدر
الثالث للشر المتمثل في النفاثات في العقد ، أي الساحرات وأهل السحر عموماً ،
وأخيراً من شر كل حاسد إذا حسد .. ذاك الحاسد صاحب النفس الخبيثة المحبة للسوء
والشر للآخرين ، الذي اعتبره القرآن من مصادر الشرور التي يجب على بني آدم الاستعاذة
منه ، شأنه شأن بقية المصادر الثلاثة .
ثم لاحظ أنك في سورة الناس يختلف الأمر ، إذ أنك
تستعيذ بالله ثلاث مرات من شيء واحد .. فتستعيذ برب الناس، وملك الناس، وإله الناس،
من ماذا ؟ من شر الوسواس الخناس .. إبليس وبقية شياطين الشر معه ومن ضمنهم القرين
الذين بين جنبيك .. الذي يوسوس لك بالشر والسوء ، ويزينهما لك على الدوام ، دون
كلل أو ملل ، يأتيك بالخاطرة والفكرة فالتزيين ، ثم التخطيط حتى تصل أخيراً إلى
التنفيذ لتقع في شر أعمالك ..
بالطبع لا ، ولن يهدأ
.. لأن هدفه ليس ايقاعك مرة أو مرتين أو حتى ألف ، بل أن يدخلك معه إلى قعر جهنم ،
تنفيذاً للوعد الذي قطعه كبيرهم ابليس أمام الله وقبل أن يسكن البشر الأرض، أن
يقعد لبني آدم كل مقعد ، يزين لهم الشر والسوء وينحرف بهم عن جادة الصواب والحق.
من هنا ، ولأن الهدف الأسمى والأهم للوسواس الخناس الذي بين جنبيك لا يكل ولا يمل ، هو أن يأخذك الى تلك النهاية البائسة للإنسان ، نجد الخالق عزو وجل يدعونا ويحثنا إلى الاستعاذة منه ثلاث مرات في سورة قصيرة واحدة ، على عكس المصادر الأربعة سابقة الذكر ، فتكفي مرة واحدة لصد شرورهم واخطارهم ، أما هذا الذي بين جنبيك ، فكلما استعذت بالله منه أكثر ، حماك الله وأبعدك ووقاك عنه أكثر وأكثر .. أسأل الله أن يحفظنا وإياكم من كل الشرور ومصادرها ، من
الجن كانت أم من الإنس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق