البعض منا يندد ويستنكر تحالف الغرب ضد تنظيم
الدولة الإسلامية أو داعش لمجرد ذبح اثنين من مواطنيهم المشتغلين في الإعلام على
يد التنظيم ، ويعتبر أن هذا الأمر هو تطبيق عملي واضح لازدواجية المعايير لدى
الغـرب ، الذي يتجاهل ويتغافل عن عشرات الألوف الذين أبادهم نظام الأسد على سبيل
المثال ، أو آلاف في غزة ومثلهم في كذا بقعة عربية وإسلامية ..
ازدواجية المعايير ، ليس بالأمر الغريب أو المستهجن من قبل الغرب ، الذي لا
ينكر هو بنفسه أنه بنى حضارته على أسس مادية بحتة ، ويبحث عن مصلحته ويدافع عنها
بكل ما لديه من قوة وعتاد من تلك التي يبنيها لسنوات طوال لمثل هذه الأوقات .
الغرب يتحرك بمنطق القوي في العالم . هذا المنطق خلاصته أن الغرب يتحرك وفق
مقتضيات محددة عنده ولا يهمه أنها تتوافق مع غيره ، حتى على سبيل الافتراض أن
العالم كله يعمل معاً ضمن منظومة الأمم المتحدة .. فالواقع العملي يختلف تماماً عن
النظري والافتراضي .. الغرب يتحرك بناء على مصلحته وليس مصلحة آخرين . قوته تسمح
له اتخاذ القرار بل وتنفيذه باقتدار أيضاً ، وهي حقائق لا أدري لم لا نستوعبها في
العالم العربي ؟
الحضارة الغربية هي تقود العالم اليوم ومنذ عدة قرون وربما تستمر لفترة
مماثلة ، ومن يقود عادة تكون قد توفرت له أسباب القيادة الى أن يفقدها جميعاً ،
سبباً سبباً لتؤول القيادة الى حضارة أخرى تكون قادرة على قيادة البشرية ، وهكذا حركة التاريخ أو سنّة الكون
والحياة " وتلك الأيام نداولها بين الناس " ..
لا
يجب أن نستغرب تحرك أساطيل وجيوش الناتو إن تضرر فرد في أمة الغرب ، أو لحفظ
مصالحهم أيضاً بعد تهديد داعش لها بحسب رؤيتهم ، بغض النظر عن كل ما يقال ويدور حول
التنظيم وأحاديث المؤامرات والتآمرات .. وأتساءل هنا : ألم تكن مثل هذه التحركات
معروفة في تاريخنا الإسلامي أيضاً ، حين كانت الأمة تمتلك أسباب القوة ما تجعلها
تحرك الجيوش إن تضرر فرد واحد من قبل أعداء الأمة أو تعرضت مصالحها للخطر وفق رؤية
من كانوا يقودون الأمة أيامها ؟ الأمثلة أكثر من أن حصرها في هذه المساحة المحدودة
..
خلاصة
القول :
ليس من الحكمة أن أنتقد ازدواجية المعايير
لدى الغرب وغيره ، وأنا أكثر من يشتهر بتلك الازدواجية في كثير من مجالات الحياة..
وليس من الحكمة أن أستهجن وأندد استخدام الغرب لقوته ، ولا أعمل على بناء قوتي ،
حتى إذا ما جئت أنتقد قوياً يستخدم قوته كالغرب اليوم ، فلا أقل من أكون مثله أو
أقوى .. حينها ستختفي تلقائياً تلك الازدواجية ويحدث توازن تنعم البشرية بسببه
ببعض الأمن والأمان ، فيما عدا ذلك فلا.. والتاريخ خير شاهد ، فاقرأوه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق