في الحديث الشريف :" لا تكونوا إمّعة ، تقولون
: إن أحسن الناس أحسنّا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطّنوا أنفسكم ، إن
أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا فلا تظلموا .. ".
توجيه نبوي شريف
يبين أهمية تحري الحق في كل خطواتنا وقراراتنا الدنيوية ، سواء على مستوى الأفراد والجماعات
أو الدول والمؤسسات أو ما شابه ..
مناسبة
الحديث هي سوء الفهم الحاصل الآن بين أعضاء البيت الواحد في منظومة التعاون
الخليجي ، ويتمثل سوء الفهم في أن يكون الجميع على قلب رجل واحد ، حتى لو كان قلب
هذا الرجل لا يفقه ولا يعي ، وحتى لو كان في الاتفاق الجماعي هذا حدوث المزيد من
الأضرار والخسائر ..
لا شيء في أن نختلف ، ففي الأسرة الواحدة يختلف
الأب مع أبنائه والعكس ، وليس شرطاً أن يكون الاختلاف سبباً للنبذ والطرد من
منظومة الأسرة، لماذا ؟ لأن الاختلاف أمر صحي ومطلوب ، لكن الذي ليس مطلوباً ومحبذاَ
هو القمع وعدم الاستماع للمختلف ، بل وإجباره على اعتناق مبادئ وعقائد المتفقين وإلا
كانت العاقبة سيئة مظلمة !
هذا هو
الحاصل الآن في منظومة التعاون الخليجي وللأسف .. ولقد أدركت سلطنة عمان مبكراً أن
الأمور تجري في المنظومة بهذه الطريقة منذ كارثة احتلال الكويت عام 90 ، فبدأت
تتفهم الجميع ولكن لم يكن يعني التفهم الموافقة على كل شيء .. وهكذا كانت تسير الأمور
وإن لم تخرج للإعلام وفقاً لروح السياسة الإعلامية للتعاون الخليجي القاضية بعدم
نشر الخلافيات للعلن، كيلا يتلذذ البعض
بالصيد في المياه العكرة ..
قطر لم
تأت ببدعة من القول والفعل حين اتخذت نفس النهج العماني ، وبدأت تستشعر أهمية أن
تطرح وجهة نظر أخرى من باب اثراء الآراء، وشحذ الفكر من أجل الوصول الى القرار الصائب..
هذا التوجه القطري في أسلوب النقاش وطرح الآراء بالمجلس لم يعجب البعض ، وبدأت
التفسيرات تظهر لهذا التوجه ولكن بناء على سوء الظن أولاً حتى يثبت العكس ، تماماً
كما في المفهوم الأمني العربي أن المُعارض للحكومة ، هو متهم حتى تثبت براءته وليس
العكس . وهذا ما بدأ يحدث مع قطر ، وبروز دورها الإقليمي بل والعالمي أحياناً ، فبدأت
تتراكم المشاعر تلك حتى فاض الكأس بما فيه وللأسف ، وكان أبرز أمثلة على ذلك
الفيضان ، قرار الدول الثلاث المعروفة سحب السفراء من قطر ، والاحتمالات أن تسوء
الأمور واردة ، طالما أن الأمور تُفسر وفق اساءة الظن أولاً وليس إحسانه ..