قبل
عامين تقريباً ، قام اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا
برفع شكوى ضد " تويتر " بسبب قيام أفراد بنشر تغريدات مسيئة لليهود ،
وطالب الاتحاد من محكمة باريس اصدار حكم قضائي يجبر " تويتر " ، ليس على
مسح أكثر من 350 ألف تغـريدة مسيئة لليهود فحسب ، بل والكشف عن هوية المغردين ، وبالفعل استجابت المحكمة وأصدرت قراراً أيد الشكوى وأعـطت
مهلة اسبوعين لموقع " تويتر " لتطبيق القرار..
لم يستجب " تويتر" للقرار وتجاهل الحكم ،
كعادة الأمريكان ، لكن اتحاد الطلاب
اليهود وبعد مضي أكثر من شهـرين على صدور حكم المحكمة ، قام بفتح دعوى طلبت فيه تغريم " تويتر"
حوالي 38 مليون دولار كتعـويضات، وهدد
الاتحاد كذلك بفتح دعوى أخرى ضد رئيس مجلس
إدارة " تويتر" ، وهكذا ومع هذا التصعيد ، انصاع " تويتر" لقرار المحكمة الفرنسية ، وقام بمسح كل التغريدات
المسيئة لليهود مع التبليغ عن هويات ناشريها أيضاً !
إذن ما قام به السيد أردوغان ضد " تويتر
" قبل أيام ليس بالبدعة وليس فيه ديكتاتورية ، كما شاع خلال الأيام الماضية
في وسائل التواصل الاجتماعي .. فالرجل طالب " تويتر " بتنفيذ حكم محكمة
تركية بحذف روابط فيها انتهاكات للقوانين التركية ، وخاصة لو علمنا بأن هناك شرط في اتفاقية
المستخدم لموقع " تويتر " وهو على الأغلب لا يقرأه كثيرون ، ينص على التزام
المغرد بالقوانين المعمول بها في بلده ..
أردوغان لم يطلب إذن المستحيل من "
تويتر" ، ولم يصعّد الأمر كثيراً ليصل الى تعويضات وغيرها كما فعل اتحاد
الطلاب اليهود . كما أن تهديده بحجب " تويتر " عن تركيا لم يقصد من
ورائه الإضرار بشعبه ، والحجب لم يكن شاملاً إنما جزئياً ، وهو يدرك أن الحجب ليس
أمراً سهلاً وبإمكان أي أحد اختراق جدران الحجب ودخول أي موقع يشاء ، ولكن أراد
بالتهديد ، تسجيل موقف أمام العالم كله ، كما فعل يوم أن وبّخ " بيريز"
أمام العالم على خلفية قيام " اسرائيل " بانتهاكات خطيرة كعادتها ضد غزة
وشعبها.
خلاصة الحديث ..
هذا العالم يسير
وفق قانون القوي، أو إن صح التعبير ، القوي يفرض رأيه ، وهذا الحاصل اليوم تماماً ،
وبوتين وقرار ضم شبه جزيرة القرم أحدث الأمثلة وليس آخرها ، فما العيب فيما قام به
أردوغان ؟ لاشيء سوى أنه فهم منطق الغرب وأقوياء العالم ، فهو يطبق المنطق الغربي
هذا قدر المستطاع ، لكي يحترم العالم بلاده كما يفعل الأقوياء مع الغير ، وهو ما نفتقده كثيراً في العالم العربي .. أليس
كذلك ؟