كل واحد منا عالم بذاته .. له شخصيته المتفردة ونكهته وذوقه وصفاته وغيرها من أمور لا تتشابه مع أحد .. وقد تتقاطع مع آخرين في أمور متشابهات ، لكن مع ذلك سيظل كل واحد منا يختلف عن الآخر ..
تذهب مع صاحب لك الى معرض فني فتقف أمام لوحة فنية ، تتذوقها وتعجب بها وتعتبرها إبداعاً فنياً ، لكن صاحبك الذي معك على العكس تماماً ، لا يجد ذاك الجمال الذي أنت منبهر به ، ولا يقدر أن يتذوق الفن كما أنت ، بل نظرته لتلك اللوحة أنها ليست أكثر من قطعة قماش عليها خربشات فرشاة ملونة يقدر أي طفل القيام بها !
لنقف عند هذا الموقف ونحلل الحاصل ..
أولاً ، ليس عليك أن تغضب من صاحبك على أنه أبدى رأياً خلاف رأيك .. ثانياً ، لا تجبره أن يسايرك ويوافقك الهوى والرؤى.. لماذا ؟ لأن الذي حدث أمام اللوحة أن شخصاً مثلك وبحكم ثقافة معينة تكونت عندك على مدار سنوات طويلة مضت ، قمت فقدمت رأياً في اللوحة ، وصاحبك بالمثل وبحكم ثقافة معينة متكونة عنده ، أبدى رأيه.. وليس في أي منكما عيب أو نقص .
كل واحد منا، كما أنه خلقه الخالق متفرداً ومتميزاً عن غيره في كثير من النواحي الفسيولوجية أو التكوين الحيوي له ، فكذلك يتميز أي أحد منا بآرائه ونظراته . أنت لك نظرة لأمر ما تختلف عن الآخر ، حتى لو كان هذا الآخر من أقرب المقربين إليك. أخ أو أخت أو زوجة أو حتى أحد من أبنائك..
هذا مفهوم يغيب عن كثيرين ، وبسبب غيابه تحدث المتنافرات والاختلافات وربما المشاجرات إن تعمّق عدم الفهم . ليس عليك أن تُجبر غيرك على رأي واحد ، وليس على غيرك القيام بالمثل معك . وهذا المفهوم لو اتضح للزوجين كأبرز أمثلة الحياة لما رأينا المشكلات بينهما ولا الشقاق المتبوع بالطلاق نهاية الأمر .
الزوجة لها نظرة معينة لأمر ما من أمور المنزل على سبيل المثال تختلف عن نظرة الزوج. ها هنا ليس على أي أحد منهما إجبار الآخر على تبني نفس الرؤية ، وقد يحدث نوع من المجاملة بين الطرفين ، رغبة منهما في احتواء أي مشكلة أو أزمة قد تحدث بسبب اختلاف وجهات النظر . ولكن الذي هو أفضل من المجاملة هو التفاهم وبشفافية تامة ، لأن أمد المجاملة قصير في حين العكس مع التفاهم والصراحة .
هذا المفهوم ينطبق أيضاً على كثير من الوقائع الحياتية اليومية . فقد يرد إليك مثلاً خبر ما فتنظر إليه بأنه سار وسعيد .. هنا دعني أسألك وأقول : لماذا لم تقل أنه خبر سيء ؟ ما الذي دعاك إلى اتخاذ ذلك الرأي ؟ الإجابة وبكل وضوح هي رؤيتك للأمور حولك . أنت قد تجد الخبر ساراً فيما يراه غيرك سيئاً أو العكس ، والنقطة المهمة ها هنا أنه ليس أي أحد منكما على صواب أو على خطأ ، فلكل واحد منكما رؤيته وفلسفته في هذه الحياة وطريقة تفكير تختلف عن الآخر..
بهذا المفهوم الذي لو تأملناه وصار منهجاً نسير عليه في حياتنا ، ما ساد شقاق وخلاف وقطيعة بيننا ، لا في بيوتنا أو أعمالنا أو حياتنا بشكل عام .. أو هكذا أزعم اني فهمت المسألة.. فكيف أنتم ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق