أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

انتبه من الأوزان الثقيلة !!




  أنت وأنا وذاك وتلك ،  اعتدنا أن نحمل الأوزان المختلفة ما بين خفيفة إلى متوسطة ، لنغامر أحياناً ونرفع أوزاناً ثقيلة نرفعها بالكاد ، وتكاد أنفاسنا تنقطع من الحمل الذي نتعامل معه ، وتبعا لذلك تجد العرق وقد بدأ يخرج من منافذ متعددة بسرعة ،  فإن طاقة كبيرة نبذلها  لرفع حمل ثقيل ،  وتكون على حساب البدن أو خلايا كثيرة بحاجة إلى أجزاء من تلك الطاقة.

   ماذا أريد أن أصل إليه اليوم ؟ هل نتوقف عن حمل أمتعتنا وأغراضنا الشخصية توفيراً للطاقة ، وندع غيرنا يحملها مثلاً ؟ هل نرفع أحمالاً تتساوى مع الطاقة الممكن توفيرها ؟ ما العمل إذن مع مسألة الأحمال الخفيفة إلى المتوسطة وانتهاء بالثقيلة ؟

    لا تحمل أكثر من طاقتك .. يمكننا اعتبار الجملة الماضية ،  قاعدة حياتية قابلة للتطبيق ليس على الأحمال المادية فحسب ، بل على النفسية أيضاً ، وهي التي تهد الظهور هداً .. وبالقدر الذي يهمنا موضوع الحذر في رفع الأحمال المادية تفادياً لمشكلات قد يقع أحدنا فيها كالتواءات أو تشنجات أو انزلاقات أو تمزقات  من تلك التي يعرفها جميعنا ، فإننا أيضاً يهمنا التوقف عند موضوع رفع الأحمال النفسية.

    أن تحمل همُ أمر مستقبلي بسيط ، يساوي حمل مئات الكيلوغرامات من الأغراض والأمتعة الشخصية في البيت أو غيره ..  فما بالك لو بدأت تحمل هموماً متنوعة ، بل ما بالك لو بدأت تحمل همومك وهموم غيرك ممن حولك من الأهل والأصدقاء والأحباب ؟  إنك فعلاً تكون قد بدأت في الدخول لمناطق خطرة عليك ، وستكون نتائجها بعد قليل من الدهر ذات أثر سلبي وضار عليك دون ريب.

    لا  أعني بحديثي هذا أو أدعو إلى أن نتجنب أنفسنا والآخرين من حولنا ولا نهتم بهم ولأحوالهم وهمومهم .. لا، ليس هذا الذي أدعو إليه ، ولكن كما اعتدت سابقاً في دعواتي ، أن نكون متزنين ووسطيين ومنطقيين في أمورنا الحياتية المتنوعة ، لا إفراط أو تفريط.

    إن حمل الأثقال النفسية ليس بالأمر الهين ، ويتطلب قدرة كبيرة على ذلك  ، لأن عدم وجود تلك القدرة يعني حدوث خلخلة كبيرة في حياتك ، وتؤدي دون ريب وبشكل متدرج إلى حدوث انهيار كبير يتمثل في انفلات للنفس عجيب ، وفقدان القدرة على السيطرة ، وبالتالي القيام بأفعال وسلوكيات غالباً تكون غير مرغوب فيها للنفس ، قبل ما حولها من أحياء وجمادات.


    المشكلة ليست في حمل الأثقال المادية أو حتى النفسية ، ولكن الإشكالية تكمن في الطريقة التي تحمل بها تلك الأثقال. وكما ينصح الأطباء حين ترفع ثقلاً أن تكون وضعية جسمك بشكل معين ، كي لا تحدث لك انزلاقات في العمود الفقري أو مشكلات في العضلات ، فكذلك حين تحمل هماًّ أو ثقلاً نفسياً أن تعرف كيف تحمله ، ولماذا تحمله ، وما أنت فاعل به .. هذا أولاً .  وبما أنك حملت ثقلاً ماديّاً لأجل نقله من موضع إلى آخر، فكذلك الأمر نفسه مع الأثقال النفسية ، التي لا يجب أن تبقى على ظهرك إلى ما شاء الله، بل الأصل أن يكون الحمل من مكان إلى آخر وبأسرع ما يكون .. إذ كلما طال بقاءه على ظهرك ، كلما قلّت طاقتك وضعـفت ، فانتبه لنفسك من الآن وقبل فوات الأوان ..   

ليست هناك تعليقات: