أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 31 مارس 2011

كيف تتغلب على المزاج المتكدر ؟


     استكمالاً لحديث المزاج وتأثيراته على أداء وإنتاجية الفرد منا، والذي قلنا ما ملخصه بالأمس إن المرء منا يكون هو السبب الرئيسي في تقلبات مزاجه، لأنه لا يراعي النفس والمشاعر أوقات الأزمات أو حاجة الجسم والنفس إلى الراحة والاسترخاء، بل تجده منهمكاً في أعماله المادية التي لا بد أن تنتهي أولاً، وإن كان ذلك على حساب صحته. 

   بمعنى آخر، تحول المرء منا إلى آلة ميكانيكية تعمل إلى أن ينتهي وقودها، وهذا العمل المتواصل والإنهاك المستمر يؤدي دون شك إلى إحداث نوع من الضغط النفسي الرهيب على القلب، وبالتالي على بقية أجهزة الجسم، وتكون النتيجة هي ما نتحدث عنه وهو تقلب المزاج بين الحين والآخر.


   لكي نكون إيجابيين في التعامل مع هذا الموضوع، فلابد أن نعلم يقيناً بأن تقلب المزاج أو المشاعر بين الحزن والفرح ، والاكتئاب والابتهاج ليس شيئاً مادياً يمكن التحكم به عبر ضغطة زر أو ما شابه . المسألة أقوى مما نتصور؛ لأنها صادرة عن النفس التي لا نعلم كنهها ولا تفاصيلها بشكل واضح أو بالصورة التي يمكننا أن نحدد مكامن الخطأ فيها؛ لكي نتجنبها مستقبلاً. الأمر أعمق من ذلك بكثير.


    لكن مع غموض النفس وتقلباتها يمكن التعرف على بعض العوامل المسببة لنشوء مشاعر الإحباط والكآبة والضيق والملل وفتور الهمة، إلى آخر قائمة المشاعر السلبية، لكي يدرسها المرء ويستفيد منها للحيلولة دون الوقوع ضحية لها مرة أخرى.

   حين تدرك مثلاً بأن استماعك للآخرين وهم يستهزئون بالغير، من الممكن أن يسبب لك نوعاً من التألم واستشعار الضعف بسبب عدم قدرتك على الدفاع عن المستهزأ بهم، فمن الأفضل ها هنا تجنب مثل تلك المواقف؛ لأنها تؤثر على مشاعرك وتسبب لك نوعاً من الذهول، وبالتالي السرحان وشرود الذهن وتكدره، وتكون النتيجة النهائية سلبية عليك وعلى أدائك بشكل عام.


    حين يتكدر المزاج عند أحدنا، نكون عرضة لإبداء آراء غريبة إن طلب أحدهم منا رأياً في أمر ما من أمور العمل مثلاً أو أمور الحياة بشكل عام، وتبدأ النظرة للأمور تختلف عما كانت عليها قبل قليل. ومن هنا علينا أن نتجنب الدخول في مهمات صعبة إن كنا في حالة مزاجية غير صافية. ومن تلك المهام وحتى لا نزيد الطين بلة، إبداء الآراء أو اتخاذ القرارات الصعبة أو أداء أعمال تتطلب تركيزاً أو ما شابه من أعمال ومهام. 


    أخيراً وليس آخراً ، لابد أن تمارس مهارة التدبر والتفكر فيما يحدث لك. اعلم أن تكدر المزاج إنما هي حالة طارئة أو مؤقتة، وهذا مما يريح المرء المتكدر؛ لأنها حالة عابرة وليست دائمة.. وأحسب أن حالة التكدر هي بمثابة عملية تلقائية من الجسم؛ ليدفعك إلى التوقف عما أنت عليه من عمل ميكانيكي مجهد أو تفكير عميق مرهق. حيث تجد أن جسمك يدفعك للدخول في عالم من الفتور وهبوط الهمة؛ لأجل هدف مهم هو التقاط أنفاسك وتدبر حياتك وعما يدور حولك ولو لدقائق معدودة، هكذا هي النظرة الإيجابية التي لابد أن تكون لمسألة المزاج المتكدر أو المتقلب، فهل نكون إيجابيين مع مسألة التكدر ؟ آمل ذلك.

ليست هناك تعليقات: