أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

السبت، 30 أكتوبر 2010

الحسد وما أدراك ما هو ؟


  حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين..

    إن هذه العين القاتلة والتي لا تتقي الله ولا تخاف منه، تجعل في الوقت ذاته صاحبها لا يهنأ بعيش ولا يجد لذة ولا سعادة في حياته، ولو كان يملك أموال قارون أو أكثر! 

    معروف أن الحسد والحرص، كما يقول عبدالله بن المقفع، مترجم كتاب كليلة ودمنة المشهور، دعامتا الذنوب، فالحرص أخرج آدم من الجنة، والحسد نقل إبليس عن جوار الله.. والحسد هو أول ذنب عُصي الله به في السماء والأرض. فأما في السماء فحسد إبليس لآدم، وأما في الأرض فحسد قابيل لأخيه هابيل والقصتان معروفتان. 

   الحاسد حين يبدأ في ارتكاب هذه الجريمة النفسية البغيضة على المستوى الإنساني، فإنما يعترف بشهادة صريحة واضحة بدونيته وقلة قيمته، وهوان ذاته بين الناس.. إنه يخالف الفطرة السليمة والذوق الأسلم. إنه يسير عكس ما هو المفروض أن يكون. 


   تجد الحاسد إن فرح أحدٌ، تألم هو، وإن فاز أحد بجائزةٍ غضب، وإن منّ الله على عبدٍ بنعمة، صار يبغضه وكأنه يريد بذلك البغض أن يقول: لماذا أنعم الله على هذا الإنسان بتلك النعمة؟! وهو شأن يخص رب العزة، لا هذا الحاسد الهالك المتهالك. 

   السؤال الذي يدور في ذهن كل محسود حين يعلم ما يقع من حاسده أو الحاسدين بشكل عام: لماذا يحسدون؟ فإن كان الحسد لنعم الله عليهم، فليس لهم شأن بذلك، فإن هذا أمر يقرره رب العباد، وإن كان لمنصب أو نجاح في الحياة، فالميدان مفتوح لهم أيضاً ولا أحد يمنعهم من الدخول فيه والقيام بما يقوم به الناس.؟!

    إن الإجابة على ذلك السؤال في حقيقة الأمر سهلة يسيرة على صاحب النفس الصافية الطيبة، لكنها بالطبع صعبة الفهم على الحاسدين.. إنه مرض بغيض على المستوى الإنساني، ونتائجه أبغض، والتخلص منه عين العقل، بل من الحكمة.

ولكن كم من أولئك الحاسدين يدرك هذا؟

الجواب بكل تأكيد متروك للحاسدين، وما أكثرهم حولنا. 

المشهد المرفق للشيخ العريفي عن بعض مؤشرات الإصابة بالعين وكيفية العلاج .




الجمعة، 29 أكتوبر 2010

ثقافة التسطيح ؟



     
  تحدثنا من ذي قبل عن ثقافة التمرير، وكانت الرسائل المتنقلة بين مستخدمي الإنترنت لب الحدث أو أساس تلك الثقافة التي ظهرت مع توسع الناس في استخدام الإنترنت وتمرير الرسائل الإلكترونية بين بعضهم البعض، وتحدثنا عن إيجابيتها وسلبيتها. 

  طالبنا في حديثنا عن ثقافة التمرير بالتحقق من دقة وصحة أية رسالة تصلنا قبل تمريرها للآخرين، حفاظاً على المصداقية والثقة في علاقة بعضنا ببعض في عصر الإنترنت والفضائيات، التي أفرزت لنا بجانب ثقافة التمرير، ثقافة أخرى قديمة ولكن متجددة بصورة بالغة التأثير، هي ثقافة التسطيح. 

  
التسطيح يعني ذاك الاهتمام بالقشور في الموضوعات والقضايا، أو النظر إلى الأمور بنظرة سطحية وترك اللب أو الغوص في الأعماق، وهذه ثقافة يقوم عليها كثيرون ويؤكدون عليها ويحرصون أشد الحرص على تعزيزها.. وهؤلاء الآخرون إما على شكل دول أو أحزاب أو مؤسسات أو شركات أو على شكل أفراد. 

  وقد راجت هذه الثقافة قديمة وانتشرت في مجتمعات القمع والإرهاب أو التصفيق والتطبيل، قام على نشرها والتأكيد عليها زعماء وحكام وجبابرة البشر، وأرادوا من نشر ثقافة التسطيح تغييب الوعي العام عن عظائم الأمور والقضايا المهمة، فكانت جل معارف شعوب أولئك الجبابرة عبارة عن معلومات غاية في السطحية للكثير من القضايا الحياتية ولفترات طويلة من الزمن، حتى لم يعد الكثيرون يقدرون على معرفة الحق أو تمييزه من الباطل والصواب من الخطأ بسبب تلك الثقافة.
 أما اليوم، وبفعل وسائل الاتصال من فضائيات وإنترنت وغيرها، فقد تسارعت عجلات هذه الثقافة بين البشر، وتقوم وسائل إعلامية بدور رهيب وغاية في الخطورة في نشر ثقافة التسطيح حول الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورغم القوة الهائلة لشبكة الإنترنت تحديداً، للقيام بدور الضد لهذه الثقافة وبيان الحقائق أولاً بأول، إلا أن الملاحظ هو تزايد أعداد من تتسطح ثقافتهم يوماً بعد يوم، لاسيما في القضايا المصيرية العظيمة، وشواهد ذلك كثيرة حولنا يمنة ويسرة. 

  إذن نشر الوعي مطلوب، لاسيما من قبل النخب المثقفة المطّلعة على بواطن الأمور وحقائق الأشياء، وإنّ ترك بعض وسائل الإعلام ومواقع في الإنترنت تسرح وتمرح بين الشعوب لتزيد من تجهيل وتسطيح العقول، أمرٌ غير مقبول البتة، بل صار من الواجب العمل على تفعيل الضد وتوعية الشعوب وتعميق الفكر فيهم، واستثمار نفس الوسائل أو الأسلحة المستخدمة في نشر ثقافة التسطيح، لتعم بدلاً منها ثقافة التدبر والتفكر والتأمل، التي لا شك نتاجاتها ستكون عظيمة الأثر، لاسيما في هذه الأمة التي لها عشرات من القضايا التي تتعرض للتسطيح والتجهيل كل يوم، وقضية الأقصى أبرزها، وفقدان الهوية تاليها.. فهل النخب المفكرة على قدر المسؤولية؟ أرجو ذلك.



الخميس، 28 أكتوبر 2010

مشاعرنا المتقلبة ..



   الهم والغم والحزن والفرح والإحباط والكآبة وغيرها من مشاعر متنوعة ،  تنتاب أي إنسان منا في أي وقت وأي زمان دون استئذان أو تصريح سابق . ترى المرء منا يعيش بعض الأحيان فترات عادية ، لا سرور ولا أحزان ، وإنما حالة اللاشعور وفجأة تنتابه حالة كآبة لا يعرف مصدرها تستمر معه لفترة، فيتنقل خلالها من حل إلى آخر للخروج من الحالة تلك، فلا يجد بعد سلسلة من الحلول سوى اللجوء إلى من تطمئن القلوب لذكره سبحانه .. ألا بذكر الله تطمئن القلوب والصدور والنفوس.


    لكن الحياة بالطبع ليست هموما وغموماً ، وإن كانت لا تخلو منهما على أية حال، فهذه حال الدنيا التي لا بد أن تكون فيها كل تلك المشاعر، باعتبارها  دار ابتلاء واختبار، وإلا كيف يتمايز الناس ويتفاوتون في الدرجة والتقدير عند الخالق عز وجل، وكيف تتفاوت الدرجات يوم القيامة ؟ إذن لا بد من محكات وتجارب.

   الحياة إذن مشاعر وأحاسيس مختلفة، فكما أن هناك حزنا، تجد بالمقابل فرحا وسرورا ، وكما أن هناك أيضاً شر وأشرار، فكذلك خير وأخيار، وهذه هي متناقضات أو أضداد هذه الحياة الدنيا، التي لا بد أن نستوعب مفرداتها وأدبياتها، التي بها ستطمئن القلوب، ونكون على بينة من أمورنا ونحن في الطريق سائرون، ليس إلى المجهول، كما يدعي ويزعم الزاعمون غير المؤمنين بالغيب والحياة الأخروية، وإنما إلى الله سبحانه.


    إن عرفنا تلك التفاصيل عن حياتنا العاجلة هذه، فإن ما نتعرض له  كحزن أو هم أو غم أو شر أو حتى خير وفرح وسعادة ، فمن المؤكد أنها كلها أمور مؤقتة لا تدوم .. إن هبطت حالة كآبة علينا، فلا يجب أن تسود وتظلم الحياة في أعيننا، بل نستعين فوراً بذكر الله على إزاحتها  حتى لا تعطلنا عن المسير ولنستشعر بقوة أنها حالة مؤقتة ستزول حتماً ، مهما كانت فترتها ومهما كانت صعوبة الاستشعار .


   وبالمثل لا يجب أن نفرح كثيراً بحالة الرخاء والسرور والنعمة، فإنها كذلك زائلة أو إلى نقصان ، بسبب الحالة المؤقتة المجبولة عليها الحياة الدنيا، غير الآخرة، التي لا نهاية لها ولا تناقضات أو شيء من مكدرات ومنغصات حياتنا الدنيا..

    متى عرفنا كل تلكم الحقائق، فلا أعتقد أن أحدنا سيكتئب ويعيش أياماً وليالي في نكد من العيش لا يطاق، بل بقليل من الصبر وكثير من ذكر الله، تصفو النفوس ولا تتعطل عن السير في الطريق إليه سبحانه، الذي نسأله أن نصل إلى نهايتها وهو راض عنا غير غضبان، فهذا أمل كل مؤمن وموحد في هذه الدنيا.. رضا الله لا شيء غيره.أو قبله ولا بعده .. 


الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

قبل أن تقول رأيك وتحكم على الآخرين ..

  
   
  طرق وأساليب عدَّة يمكن بها الحكم على الآخرين، وبالطبع قبل أن تحكم لا بد أن تكون مدركاً لما أنت مقبل عليه، فالحكم على الغير ليس بالأمر السهل أو كما يمكن أن يتصوره البعض منا، بل إن ظن أحدكم عكس ذلك، وأنه سهل يسير، فإن ظلماً كبيراً يقترفه بحق من يحكم عليهم قبل أن يكون ظلماً بحق نفسه، هذه نقطة أولى.

   النقطة الثانية التي تجب مراعاتها قبل الخوض في مسألة الحكم على الغير، أن تكون أنت الأفضل أو الأعلم أو الأقدر في المجال الذي أنت بصدد الحكم على الآخر فيه، فإن كنت تريد أن تحكم على غيرك في أخلاقه المتدنية مثلاً، فالمنطق يتطلب أن تكون أنت أرقى أخلاقاً منه وأرفع ، وإن كنت تريد الحكم على علمه، سواء أكان علماً دنيوياً أم دينياً، فالمنطق نفسه يتكرر أيضاً

    نقطة جوهرية ثالثة لا تقل أهمية عن أختيها السابقتين، هي أن تدرك جيداً جميع أبعاد وجوانب وظروف الشخص، فليس من المنطق في شيء أن تحكم على إنسان ما بأنه كسول وغير فعال في عمله مثلاً، وأنت لا تدري ما الذي دفع به إلى التكاسل، أو الخمول وعدم الإنتاجية.. هناك الكثير من النماذج في الحياة لا يمكننا سردها ها هنا.

    هذا الأمر يتسع ليشمل الشعوب والدول والحضارات، فإن جئت على سبيل المثال وأردت أن تحكم على دول أو أمم، وثقافاتهم وعلومهم وأخلاقياتهم، فالأمر نفسه أو المنطق ذاته المشار إليه قبل قليل سيتكرر، فلا تحكم على شعب ما في أخلاقياته وأفعاله أو سلوكياته من قبل أن تعاشره وتتعرف على تفاصيل حياته ويومياته وظروفه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.



   إن أسلم طريقة للخروج من مأزق الحكم على الغير، فيما لو طلب أحد منك ذلك، ألا تتسرع وتدلي بالرأيوكلما استطعت أن تأخذ وقتك في التفكير أو إن صح وجاز لنا التعبير، الهروب اللطيف أو الهروب الدبلوماسي، كان أفضل، ما لم يكن ذاك الهروب أو التهرب، فيه ضياع للحقوق ووقوع ظلم.

   إن في مثل تلكم المواقف، ما عليك سوى أن تتسلح بسلاح المنطق وتتوكل على ربك، وتدلي برأيك أو حكمك بحسب ما يمليه عليك ضميرك وأمانتك، وقبل ذلك دينك. إنه موقف حياتي صعب، لا أظن أن أحداً يبحث عنه أو يتمناه، وإن كان في النهاية درساً من الدروس والتجارب في مدرسة الحياة.. وما أعظمها من مدرسة.





الاثنين، 25 أكتوبر 2010

ثقافة التمرير

    في عصر الإنترنت هذا الذي نعيشه المتميز بسرعته في كل شيء تقريباً ، بدأت القيم والمفاهيم والثقافات تتبدل شيئاً فشيئاً بحسب سرعة التغيرات والتحولات الحاصلة في زمننا هذا حتى اختلطت الثقافات بعضها البعض، وصارت الدول تبذل جهودها في سبيل المحافظة على ما تبقى من قيمها وثقافتها وصورتها بشكل عام.

    واحدة من الثقافات التي ظهرت في عصر الإنترنت, ومن بعد أن صار كثيرون يتقنون التبحر فيها والتواصل مع الآخرين، سواء كانوا على شكل أفراد أو مؤسسات أو مجتمعات حقيقية أو افتراضية،هي ثقافة التمرير .. فما هي هذه الثقافة؟

  أبسط توضيح لهذه الثقافة ما تقوم به أنت وأنا وذاك وأولئك، من تمرير رسالة تصلنا على البريد الإلكتروني أو البلاك بيري وغيره من وسائل الاتصال ، يكون محتواها مثيراً أو محط إعجابنا، فنقوم بكل سهولة ويسر بتمريرها إلى الزملاء أو الأصدقاء أو الأقارب ، سواء في المدينة نفسها أو خارج البلد أو أي موقع بالعالم ، ويتم ذلك التمرير في غضون ثوان معدودة.

    تلك هي الثقافة التي أعنيها وأرغب في التوقف قليلاً عندها اليوم لتوضيح بعض النقاط.. أول تلك النقاط هي أن لها إيجابية وسلبية في الوقت ذاته، وإن كان من الممكن تعزيز الإيجابية والتقليل من السلبية وهذا مقصد الحديث اليوم.

   الإيجابية الطيبة في هذه الثقافة أن أحدنا يتذكر أصدقاءه وأحبابه حين تصله رسالة فيها كلمات منتقاة جميلة ومعبرة  أو نصائح طبية أو فكاهة أو علم جديد أو تنوير أو تثقيف، فتحث نفس أحدنا على تمرير الرسالة إلى من نعرفهم، فنظل بهذه الطريقة وبواسطة وسائل الاتصال على تواصل مع الغير حتى وإن كنا لا نراهم أو نتواصل معهم بصوت وصورة.

   ألا تعتقدون معي بأن هذه الطريقة أفضل من عدم التواصل نهائياً أو التواصل بين كل حين وحين ،  الذي قد يطول ؟ إذن والحال هكذا ، لم لا نعززها ونتواصل مع أحبابنا عبر هذه الطريقة الحديثة، وإن كانت بالطبع لا تغني عن الطرق التقليدية المعروفة عبر الهواتف والزيارات وغيرها من طرق التواصل؟

   سلبية هذه الطريقة أو هذه الثقافة هي إمكانية إحداث خلل أو سوء فهم أو مشكلات بعض الأحيان بسبب التسرع في الإرسال وعدم التثبت من صحة المعلومات والمحتويات ومعرفة مصادر الخبر أو المعلومة،  خصوصا إن كانت المحتويات دينية أو صحية على وجه الخصوص. إذ إنه كثيراً ما تصلنا رسائل تحتوي على معلومات غير دقيقة وأحيانا غير صحيحة، فنقوم بتمريرها بحسن نية ! ولكن من بعد التحقق يتبين عدم صحتها وغالباً يحدث التصحيح بعد أن تكون الرسالة قد انتشرت ووصلت إلى الآلاف في غضون دقائق معدودة.

    المسألة تحتاج إلى شيء من الصبر وشيء من إعمال العقل قبل أن يضغط أحدنا زر التمرير، حتى نحافظ على إيجابية هذه الثقافة، وحتى لا نفقد الثقة في رسائل بعضنا البعض. فإن كنت مقتنعاً بما أقول، أرجو تمرير هذه المقالة لأحبائك لفهم وتصحيح ثقافة التمرير أو فكّر في الأمر وتحقق من رأيي الشخصي قبل الإرسال، من أجل أن تحافظ على أصدقائك وأحبابك وثقتهم في رسائلك..

   هذا أول اختبار عملي لك من بعد حديث اليوم، وأرجو أن تنجح فيه.. ومن المؤكد أنك ستنجح ، وثق دائما بنفسك وقدراتك وأنك ناجح وتنجح في حياتك .. 



الأحد، 24 أكتوبر 2010

المستحيل ..

  
     المستحيل.. كلمة توحي لسامعها أو قائلها بأنه لا أمل ولا فائدة من أمر ما ، وليس في الأفق ما يشير إلى إمكانية النجاح أو تحقيق إنجاز ، وبالتالي لا ترتجى نتائج . وبمعنى آخر، المستحيل، كلمة تريد أن تقول لك : لا تحاول ولا تتعب نفسك، فما تعمل لأجله لا ينفع ولا يأتي بخير. وبمعنى ثالث، أنك تحرث البحر وأن ما تفكر فيه أو تعمل عليه ولأجله ستكون النهاية المتوقعة هي التصادم بهذا المستحيل، أي استحالة أن يحدث ما تفكر فيه !

      هذه المقدمة الفلسفية ستقودنا إلى التعرف على ماهية هذا المستحيل وإن صح التعبير ، هل هناك مستحيل في حياتنا الدنيا ؟ بالطبع لو تأملت وتفكرت فيما حولك ، لخرجت بنتيجة مفادها أن هناك أمورا هي المستحيل ذاته، فيما أخرى لا يمكن أن تدخل تحت قائمة هذا الأمر. خذ الموت مثالا. إنه حق واقع لا مفر منه، والهروب منه هو المستحيل.. وبالمثل هناك الهرم أو بلوغ سن معينة لا تنفع معها كل مساحيق التجميل أو مقويات البدن الطبية أو العشبية في وقف مظاهر تلك السن ووقف ساعة الحياة.

   ليست تلك الأمور والحقائق تعنيني الآن، لأنها مسلمات وحقائق كونية، والحديث عنها وحولها من قبيل إضاعة الوقت وتشتيت الفكر والجهد. لكن ما أعني بالحديث عن المستحيل في حياتنا، هي تلك الأمور التي نصطنع نحن العراقيل أمام أنفسنا لتبرير عدم القيام بها.. إذ حين لا يرغب أحدنا في السير بمشروع معين في حياته أو أنه مجبر عليه أو مكره ، تجده يبرر لنفسه أولا ومن ثم لغيره بأن من المستحيل القيام به والسير فيه، لأن هناك كذا وكذا وكذا، وهذا هو الانهزام لا غيره.

   لو أن الإسكندر المقدوني في فتوحاته أو خالد بن الوليد في مؤتة أو نابليون في توسعاته، لو أن هذه النماذج من الرجال تفكروا في معنى المستحيل بالشكل الذي هو سائد عند كثيرين اليوم، لما كان لهم صيت وسمعة في التاريخ.. أولئك الرجال ما صار لهم هذا الصيت التاريخي إلا لأنهم خاصموا المستحيل، فكانت العاقبة أن احتضنهم التاريخ وسجل أسماءهم في صفحاته الذهبية.

  اليأس والإحباط هما أبرز نتائج سيطرة شعور المستحيل على النفس أو الرضوخ له، لأن المسألة ليست في قول كلمة مستحيل لأمر ما، بل فيما يحدث بعد ذلك من شعور بالإحباط واليأس، لأنك تعرف أنك تخادع نفسك وتعلم أنه لا مستحيل، فتبدأ تلوم نفسك وتعيش صراعا كنت في غنى عنه.

    خلاصة ما أدعو إليه أن يكون أحدنا صاحب إرادة وهمة عالية في كافة أموره وشؤونه. لا تقل لأمر إنه مستحيل قبل أن تتخذ كافة الأسباب والإمكانات. وما لم يكن الذي أنت أمامه حقيقة من حقائق الكون المسلمة التي لا نقاش حولها كالأمثلة التي ذكرناها آنفا، فإنه لا يوجد بعدها ما نقول عنه مستحيل .
  
 تفكر فيما مضى من عمرك وما هو آت بإذن الله، وانظر كم ضاعت منك أمور ذات فوائد عديدة كانت لتعود عليك لولا أنك رضخت لمشاعر المستحيل أو هذا المفهوم، دون تمعن منك فيه كبير، فبررت لنفسك عدم اتخاذك كافة الأسباب لأجل بلوغ الهدف، فقلت لنفسك وللناس، هذا مستحيل فضعت وضاعت منك الفرص.. فهل ما زلت بعد هذا تكرر الكلمة وتشعر بها ؟


حين ينكشف المستور

لم تمض سبع سنوات حتى كشف الله المستور في العراق من جرائم قتل راح ضحيتها آلاف الأبرياء من العراقيين على أيدي قوات أمريكية وقوات شركات أمنية انطلقت تعيث في الأرض فساداً ..

موقع  www.wikileaks.org 
نشر 400 ألف وثيقة تؤكد الجرائم .. وبينت الوثائق تورط كثيرين من الساسة العراقيين كذلك أبرزهم نوري المالكي رئيس الوزراء العارقي التي انتهت ولايته مؤخراً .. وكذلك بينت الوثائق دور  ايران في عمليات قتل وتصفية في العراق .. 
قناة الجزيرة تناولت الموضوع بتفاصيل دقيقة يمكن الرجوع اليها ..