مع كل قمة خليجية تقفز مسألة الاتحاد الخليجي إلى
الواجهة، وأهمية تطوير شكل التعاون الخليجي الحالي من مجلس، تم إنشاؤه في فترة
زمنية ماضية ولأهداف محددة، ليكون تجمعاً استراتيجياً ذا أثر فاعل مؤثر.
لعل الظروف الأمنية المحيطة بالخليج وسرعة
التطورات في هذا الجانب، صار يحتم على هذا التكتل التعاوني سرعة الارتقاء في شكل
ومضمون هذا التجمع، ليبدأ يتفق على ملفات كبرى، ولا تستنزف جهوده، ملفات هامشية
يمكن تأجيلها إلى حين.
لعل الشكل الأنسب لتوحيد الجهود في مثل هذه
الظروف، هو تطوير التعاون الحالي بين دول المجلس الست، إلى ما يسمى بالاتحاد
الكونفدرالي، وهو ما تعارف على أنه تجمع لدول مستقلة ذات
سيادة، بحيث تفوض تلك الدول المجتمعة، وبموجب اتفاق مسبق، بعض الصلاحيات لهيئة أو
هيئات مشتركة، لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات. إن الحاجات الفعلية والماسة لدول التعاون للبدء
بها في صورة اتحاد كونفدرالي، تتمثل في مجالات ثلاثة هي: السياسة الخارجية،
السياسة الاقتصادية - والنفطية على رأسها - وأخيراً السياسة العسكرية والأمنية.
ليكن لهذا الاتحاد، الذي نتمنى له أن يرى النور
قريباً، سياسة خارجية موحدة، وبالمثل في السياسة الاقتصادية ولاسيما النفطية،
وأخيراً سياسة عسكرية أمنية واحدة، باعتبار أن الخطر الخارجي عادة يؤثر على تلك
المجالات الثلاثة بشكل واضح، وباعتبار أن هذا الخطر إن حل بالمنطقة – لا قدر الله
- فسيكون للجميع نصيبه من الضرر.
يمكن
البدء بتلك المجالات الثلاثة الرئيسية لعقد من الزمن، ثم يتم تقييم التجربة، إما
لاستمرارها سنوات عشر أخرى، أو تطويرها إلى اتحاد فدرالي تُزال خلاله الحدود
وتتوحد العملة، مع احتفاظ كل دولة بخصوصيتها المحلية في الجانب الفكري والثقافي
والفني، وغيرها من مجالات لا تستدعي الحاجة إلى التسرع نحو توحيدها وفرضها على
الجميع، ولكن يمكن تأجيلها الى حين الوقت المناسب، بل إن مثل هذه الخصوصيات عادة يتكفل الزمن بها.
وإن مثل هذه المشروعات الكبرى، لا تقوم غالباً بين
عشية وضحاها، وإنما عبر التدرج المتأنّي المدروس.
وإن بهذه الخطوات المتدرجة، يمكن لتكتل التعاون الخليجي أن يتطور ويرتقي،
ليكون له شأنه على المستوى الإقليمي والدولي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق