من أبشع الجرائم التي ترويها كتب
التاريخ ، جريمة حريق روما
الشهير ، على يد أحد فراعنة أوروبا حينذاك ، نيرون . حيث لم يكتف بتعذيب شعبه
، فقام بإشعال النار في روما وجلس متفرجاً متغنياً بأشعار هوميروس ومستعيداً لأحداث
طروادة، حتى أكلت النيران روما والتي استمرت أسبوعاً ، أحرقت الأخضر واليابس ومعها البشر ..
من
يقرأ التاريخ سيلاحظ أن الظلمة والجبارين تكون نهاياتهم بائسة ، ومن التاريخ أيضاً
نتعلم ، أن كل ظالم تكون نهايته عبر ثورة
، وإن اختلفت صورتها وشكلها ونوعها ، فالطاغية نيرون كمثال واحد ضمن أمثلة كثيرة
منتشرة عبر التاريخ ..
نيرون كانت نهايته بثورة شعبية . حيث اجتمع العديد من الناس ورجال المملكة
وقرروا عزله بأي ثمن ، فإن ما اقترفه من جرائم
في حق الشعب والبلاد أكبر وأكثر مما يمكن الصبر أو السكوت عنها ، فتم لهم ذلك
وعزلوه ، ولكن من بعد تقديم تضحيات كثيرة .
قضت محكمة الثورة الشعبية عليه بالإعدام ، ولكن ليس ضرباً بالسيف أو شنقاً
وحرقاً ، بل ضرباً بالعصي !! وإن كانت هناك بعض الروايات التاريخية تقول بأنه
أبى على نفسه أن يُقتل بيد شعبه فقتل نفسه ، وقيل
في روايات أخرى أنه أمر كاتم أسراره بقتله ، وقيل أيضاً أن الجنود انقضوا عليه
فقطعوه بسيوفهم إرباً إربا .. وكان ذلك عام 68م.
المهم
في الموضوع وهو ما نرغب الوصول إليه ، أن نهايته كانت أليمة ذليلة ، بغض النظر عن
كيفيتها ، فإن تلك النهاية هي بعض ما يستحق من جزاء في هذه الدنيا قبل الآخرة .. فهذا
نموذج لطاغية متجبر سيذكره التاريخ إلى يومنا هذا والى ما شاء الله .
إن
تكرار وظهور نماذج نيرون وفرعون وغيرهم من الفصيلة ذاتها عبر التاريخ ، وإصرار الطغاة والجبارين السير على منهج من
سبقوهم من المتجبرين ، رغم اليقين في اللاوعي عندهم أن النهاية واحدة وأليمة أيضاً
، هو أمر يستحق البحث والتأمل .. كيف ولماذا يظهرون ، وكيف السبيل إلى منع تكرار
تلك النماذج .. تساؤلات مهمة لابد من بعض التأمل والتفاكر حولها ، والواقع الإنساني يفيد بأنه لا مؤشر على أن البشرية استفادت من
تجاربها السابقة في هذا المجال ، ولا يوجد ما يمنع ظهور نيرون جديد بصورة مختلفة
وسيناريو مختلف ، والأمثلة المعاصرة في الشرق والغرب ، أكبر الأدلة على ما نقول .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق