خبير اسرئيلي في الاستراتيجيا تحدث قبل عدة سنوات وبكل وضوح في لقاء صحفي مع جريدة عربية عن خطط الدولة العبرية ، وكيف أنها تسير وفق ترتيبات محكمة محددة وواضحة ، ووفـق أولويات وسياسات معينة ، ويتحدث عن الدول المحيطة بالدولة العبرية وهو يكاد يقول لك كيف يفكر السوريون واللبنانيون والمصريون في أمر ما ، وماذا سيكون لو أنهم عدّلوا خطة معينة ، أي كيف سيفكر حينها سياسيو تلك الدول ومفكروها.
هكذا هم الاسرائيليون في صراعهم معنا .. فكر ودراسات وأبحاث واستراتيجيا ، فضلا عن أنواع أخرى من أدوات الصراع في كافة الميادين تقريبا ، وهو ما ينقصنا نحن في هذا الصراع ، وبسببه يحصل التفوق دون أن نتنبه إلى ذلك وننظر إليه بعين ثاقبة تستشرف مستقبل هذا الصراع ، وكيفية كسبه أو حسمه في النهاية .
عودة إلى الحوار مع ذاك الخبير واسمه " زئيف شيف " ، وإجابته الصريحة على سؤال عن توقعاته فيما لو أن السوريين قبلوا التوقيع على السلام والتطبيع مع الدولة العبرية ، ورضخوا للضغوط من كل جانب، العربي قبل الأمريكي ، ماذا يمكن أن يحدث في المنطقة .. فأجاب بثقة المستشرف لمستقبل دولته والعارف ببواطن الأمور السياسية والاستراتيجية ، قائلا :" الاحتلال السوري للبنان لن يتوقف ، وسيتم إبعاد عناصر إيرانية من لبنان ، وسيساعد الاتفاق سوريا على الانفتاح على العالم وبالتالي يتحسن اقتصادها وتزداد علاقاتها بالغرب، وسيزداد النفوذ الأمريكي في المنطقة وخاصة في الخليج !
وسئل فيما لو أنه لم يتم التوقيع على أي اتفاق ، فقال :"انسحاب إسرائيل من لبنان في هذه الحالة لن يفيد.. فالسوريون والإيرانيون لن يقبلوا انسحاب " إسرائيل " من لبنان بدون اتفاق ، وسوف يحاولون لأن تدفع " إسرائيل " ثمن فعلتها هذه ، ويمكن أن نفقد السيطرة على زمام الأمور ، وهناك خطر بأن يفقد السوريون لبنان ن في حالة نشوب حرب كبيرة ، ويمكن أن يكون وريث الأسد ليس علويا وليس بشار الأسد !؟ وكل الأمور سوف تتطور إلى الأسوأ في هذه الحالة "
أمثال هؤلاء لا يعملون ذاتيا ، بل جيش جرار من الباحثين والخبراء والجواسيس في خدمتهم .. ومهمة أمثال هذا الخبير هي ترتيب المعلومات التي تتدفق عليه من جهات عدة في الدولة ، والوصول بها الى استـنـتاجات مفيدة وتكوين علاقات معينة بناء على تلك المعلومات ، تفيد القيادة السياسية والعسكرية وصانعي القرار بالدولة في الصراع مع الجيران وغيرهم .. وهكذا هم ، وكذلك نحن !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق