لابد أن وراء ذلك سبب أو جملة أسباب ، فإن تقليل
الإنسان من شأنه وذاته دليل على أن هناك جذوراً للمسألة عميقة تستوطن ذاكرته ،
بحيث تتغذى تلك الجذور على ذكريات وحوادث مؤلمة سابقة ، تدفعه دفعاً بين الحين
والحين للشعور بالدونية وبالتالي التقليل من الذات أو تحقيره .
واحدة من مشكلات الكثيرين في حياتهم وعدم
ايجابيتهم وقدرتهم على أن يكونوا منتجين
في المجتمع ، هي احتقار الفرد منهم لذاته
وعدم احترامه وتقديره لنفسه .. وبالتالي ضعف علاقاته مع أفراد المجتمع ، وميله نحو الانعزال السلبي ..
تلك الذكريات تعود بالطبع إلى مراحل مبكرة من
عمر الإنسان ، وخاصة البيت ومن ثم المدرسة ، باعتبارهما أكثر المواقع التي يمكث
فيها أي فرد منا في حياته ، واكثر المواقع التي يختلط بأفرادها وتنشا علاقات
وتتنوع الصداقات وتتشكل الشخصيات ويمتلئ الذهن بعشرات الألوف من الذكريات المتنوعة
كذلك ..
البيت والمدرسة ، دورهما مهم جداً في رفع أو خفض شأن
أي إنسان .. وحين يجد فرد في بيته أو مدرسته كل تشجيع ورفع شأن من أبويه وأخواته أو
معلميه على كل صغيرة وكبيرة ، فإنه سينشأ شخصاً معتزاً بذاته ، يحترم نفسه وشخصيته
، ويخرج واثقاً من نفسه إلى المجتمع ، ويكون عنصراً فاعلاً فيه ..
أما من ينشأ في بيت أو مدرسة لا أحد يعترف
بجهوده ويتم تحقيره والتقليل من شأنه والتعدي عليه بالإهانات والشتائم ، فإنه دون
شك سيتبنى ما يصدر بحقه ويبدأ يعتقد في صحة ما يسمعه ، فيبدأ في تحقير ذاته وينشأ على هذا ، حتى إذا ما خرج إلى المجتمع ،
صار إنساناً سلبياً لا يعترف بوجوده ودائم التقليل من شأنه وفاقداً للثقة ،
وبالتالي لا يتمكن من إنجاز ما يوكل إليه
من عمل ..
من هنا لننتبه الى الحواضن التربوية الأولى
، البيوت والمدارس ، فإن دورهما كبير في صناعة أجيال معتزة بنفسها واثقة الخطى ،
أو العكس من ذلك تماماً .. وتلك هي خلاصة ولب موضوع اليوم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق