اللغة العربية جميلة وبها من التعابير والكلمات ما تجعلها غنية ومتفوقة على غيرها من اللغات . ولعل عدم إلمام أغلبنا باللغة في هذه الأيام ، يجعلنا لا نميل إليها كثيراً أو قد لا نتفق على أنها لغة غنية ثرية تستوعب كل المعارف والعلوم والمعاني والمشاعر .
وقد قرأت ذات مرة في كتاب يتحدث عن جرائم الأحداث ونوعية تلك الجرائم وكيفية معاقبة مرتكبيها . ولفت نظري في فصل عن القصاص أن هناك عدالة بالغة في القوانين الشرعية بحيث يطالب الشرع بالقصاص من المعتدي حتى في الجروح التي يحدثها بجسد المعتدى عليه .
ولفت نظري صراحة أنواع الجراح ، وتبين أن لكل جرح اسم تبعا لعمق الجرح . فالشجّاج مثلا جمع شجة وهي الجرح إذا كانت في الرأس والوجه ، وهي إحدى عشرة نوعاً ، منها الحارصة ، وهي التي تحرص أو تشق الجلد ولا يظهر منها الدم ، والدامعة هي التي يظهر من الجرح دم لكنه لا يسيل كالدمع من العين . أما الدامية فهي التي يسيل منها الدم ، في حين أن الباضعة هي التي تبضع اللحم أي تقطعه . أما المتلاحمة فهي التي تذهب في اللحم أكثر مما في الباضعة . وحين يتقطع اللحم ويظهر الجلد الرقيق بين اللحم والعظم فالجرح ها هنا يسمى بالسمحاق . أما الهاشمة فهي التي تهشم العظم وتكسره ، وحين يتحول العظم المكسور عن موقعه فيسمى الجرح هنا بالمنقلة أي التي تنقل العظم عن موقعه . والدامغة هي التي تخرق العظام لتصل إلى المخ .
قوة العربية واضحة هنا في الكيفية التي يتم بها وصف الجروح ، إذ لا يكفي أن تقول أن فلاناً أحدث جرحا في وجه علان ، بل لا بد من وصف دقيق لنوع وعمق الجرح . وحين لا تكون ملماً باللغة ، وهذا هو حال أغلبنا ، فستكتفي بقول الجرح ، وإن تفضلت وزدت ، قلت بأن الجرحَ عميقٌ ويسيل منه الدم ، ولكن هذا لا يكفي في حالات القصاص . وفي هذا دلالة على العدل البالغ الذي يحرص عليه الشرع أن يقترن بالحكم والقضاء بين الناس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق