البيان الختامي لقادة دول التعاون في اجتماعهم التشاروي الدوري بالرياض رحب بطلب ضم الأردن والمغرب الى المنظومة انطلاقاً (من وشائج القربى والمصير المشترك ووحدة الهدف، وتوطيدا للروابط والعلاقات الوثيقة القائمة بين شعوب ودول مجلس التعاون والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية، وإدراكا لما يربط بين دول المجلس والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية .. ) الى آخر البيان .
كان هذا البند مفاجأة للكثيرين ، لأن التوقعات من الاجتماع كانت حول إمكانية أن يتخذ المجلس خطوة حاسمة مع الثورة اليمنية وكذلك الثورة القائمة في سوريا ، وباعتبار أنه قد اتخذ موقفه من ليبيا بشكل واضح ، بعد أن عاش المجلس في فترة حرجة مثله مثل بقية العالم ، مع الثورة التونسية ومن بعدها المصرية ..
المفاجأة من الخطوة الخليجية لضم الأردن والمغرب كامنة أكثر في المغرب تحديداً ، وخاصة إن جئنا ننظر الى عامل الجغرافيا مثلاً أو حتى الثقافة والفكر . المغرب في أقصى العالم العربي وتبعد عن الخليج مسافة ثمان ساعات تقريباً بالطائرة في رحلة مباشرة . والثقافة المغربية أو أسلوب الحياة في المغرب مختلف تماماً عن الخليج . أما الأردن فهو جغرافياً أقرب بكثير والفكر أو أسلوب الحياة لا يختلف عن الخليج . ولكن ليس ها هنا مجال لمناقشة قبول أو عدم قبول الدولتين لدخول المنظومة .
ما أبحث فيه هو أهمية وجود ما يقنع المتابع للشأن الخليجي بأمر التجديد المراد إحداثه على مجلس التعاون . نحن لا نختلف على فكرة التجديد والتغيير ، فهما من سنن الحياة ، لكن حتى السنن الحياتية ما تقع إلا وفق منطق محدد مقبول لا يمكن أن يعتريه أدنى شك يمنع قبوله .. فماذا يعني هذا ؟
مفهوم للجميع أن منظومة التعاون الخليجي قامت عام 1981 كمنظومة أمنية لمواجهة مشروع تصدير الثورة الإيرانية التي كانت يومها في أوج حماستها وطاقتها وإندفاعها، وكان لها زخم رهيب مخيف ، استدعى تحركاً عاجلاً من الخليج بمعية ومساعدة الغرب ، فكانت المحصلة ظهور منظومة مجلس التعاون الخليجي وهدفها أمني بحت ، حتى إذا مرت عدد من السنوات وانشغلت ايران بنفسها ومشاكلها وخاصة مع العراق ، لم يكن ما يمنع للمنظومة أن تتوسع في تحقيق أهداف أخرى في مجالات الاقتصاد والاجتماع والتربية وغيرها .. اليوم بعد اكثر من ثلاثة عقود ، وفي وقت حرج للغاية تشهده المنطقة العربية ، الذي يتم فيه تفسير كل خطوة أو اجراء أو حتى تصريح إعلامي على معيار ما يجري على الساحة من تغييرات ، والثورات هي أبرزها ، تأتي خطوة التعاون الأخيرة لتثير الكثير من التساؤلات لأنها لا يمكن أن تخرج عن نطاق الأحداث .. فهل استعد المجلس لها ؟ هذا أولاً .
ثانياً ، أرى أن الخطوة الخليجية هذه ربما خطوة أولى نحو تحويل تدريجي للدول الخليجية غير الملكية لتغيير نظامها السياسي وخاصة أن الوقت يسمح ويبرر بالتغيير ، الى ملكي دستوري ، باعتبار أن هذا النظام هو الأكثر قبولاً وتوافقا مع المزاج الخليجي ومع الحاصل الآن في المنطقة ، وباعتبار هذا النظام أيضاً ، معمول به في كثير من دول العالم المتقدم . حتى إذا ما تحولت الدول الست الى هذا النظام يتم بعدها ضم الأردن والمغرب بعد أن تتحولا أيضاً الى النظام نفسه ، وخاصة أن مطالبات الشارع الأردني والمغربي لهذا التحول ما زالت قائمة ..
إذا انتهت الدول الثمانية ، وربما تنضم اليمن بعد انتهاء ثورتها واختيار نفس النظام السياسي ، سينشأ كيان سياسي يشترك أعضاؤه في هذا العامل ، في الوقت الذي يبدو لي أن الجامعة العربية ستكون أمام خيارين لا ثالث لهما . إما أن تتلاشى أو تتحول الى كيان يضم الدول ذات النظام الجمهوري ، مما يعني أن العالم العربي سينقسم الى كيانين ، جمهوري وملكي ، وهذا سيناريو لا أريد حتى مجرد التفكير فيه لأنه مزعج جداً جداً جداً ..
لكن بدلاً من كل ما سبق ذكره ، فإنه جميل أن نحلم أو يتم التخطيط لظهور كيان سياسي بديل عن الجامعة العربية وتنضم تركيا اليه إذا استمرت بهذه الروح وهذا النهج مع العرب ، وتنضم إيران أيضاً إذا ما عادت الى ما كانت عليه قبل 1979 .. هذا كيان ، إن ظهر بالصورة التي نتخيلها ، فلن يقل أبداً عن أي كيان سياسي أو اقتصادي قائم الآن في العالم . وأحسب أن النجاح سيكون حليفه دون شك ، لماذا ؟ لأنه سيضم ثلاثة قوى مهمة ، هي قوة الساعد وقوة السلاح وقوة المال . وهي قوى متوفرة في أعضاء هذا الكيان المستقبلي . وهل غير هذه العوامل تحقق نجاحاً في مثل هذا الزمن ؟
هناك 3 تعليقات:
أعجبني ما كتبت حتى وصلت إلى إيران !
أستميحك عذراً لكن كما قلت سابقاً فإن كيان مجلس التعاون الخليجي تشكّل لحماية الخليج من تصدير الثورة الخامنيئية في إيران , فكيف يمكن مستقبلاً أن تنضم هذه الدولة التي ما تزال تحتفظ بعقيدتها الرافضية الصفوية والمعادية تماماً للخليج فكيف لها أن تتحد من منظومة مجلس التعاون ؟
عن التطورات وطلب انضمام الأردن والمغرب أعتقد أن الأمر جيداً ومبشراً ولكنه سابق لأوانه , حيث أن المجلس يجب عليه أن يوطّد العلاقات بين دول المجلس اقتصادياً وجغرافياً وسياسياً بشكل مرضي " عملة مشتركة + تلاشي الحدود " ومن ثم يبدأ التوسّع وقبول انضمام دول جديدة من شبه الجزيرة العربية كاليمن وبلاد الشام , أما العراق فلي عليها استثناء لأنها أصبحت تابعة لإيران بشكل ما !
شكراً لك على هذا المقال وأرجو تقبل رأيي الدخيل .
بخصوص ايران فقد ذكرت الشرط وهو أن تعود الى ما قبل عام 1979 أي قيام الثورة الإيرانية . حين كانت ايران دولة علمانية لا تحركها دوافع طائفية او مذهبية . كانت تتصرف كدولة كبيرة تعتبر نفسها حامية حمى الخليج . وأقصد أن ترجع ايران لتلعب الدور التركي الحالي . حينها نعم لإيران وفيما عدا ذلك فلا .
صعبة جداً في ظل الظروف الراهنة , أرى أنه يجب تشكيل منظمة قوية تحارب التدخلات الإيرانية المتكررة بشؤون دول الخليج العربي وتطهيرها من النظام الحالي وحينها لن نحتاج لتركيا ولا إيران لحماية الخليج بل الخليج يحمي إيران وشبه الجزيرة ..
أتمنى تحقيق هذا المجد !
شكراً على تعليقك والمعلومات التي ذكرتها وأأسف إن لم أكن فهمت القصد بشكل صحيح .
إرسال تعليق