في مقال سابق تحدثنا لمن فاته ، عن المجهول والمألوف، وكيف أن أحدنا يميل إلى المألوف من الأمور عنده فيما لو كانت أمامه مجموعة خيارات، وكيف أنه يبتعد فوراً عن أي مجهول أو غير معروف بالنسبة له.. وقلنا بأن ذلك التوجه إنما يفوت الكثير من الفرص ويتسبب في الكثير من الخسائر حتى لو توفر الأمان.. فكيف يحصل ذلك؟
حين تخاف من المجهول فإنك معرَّض لتفويت الفرص على نفسك.. كيف ؟ خذ على ما أقول مثالاً حياتياً لابد أنك عشته مرة أو ستعيشه مستقبلاً .. تخيل أنك تعمل في وظيفة ما بمكان ما، وتشعر بالرضا الوظيفي، لأنك تحفظ عملك عن ظهر قلب، وتعمل وأنت مغمض العينين، بلا أخطاء ولا مشاكل ولا أنت من الذين يحزنون.. وفجأة تم عرض وظيفة أخرى راقية عليك وفي مجال قريب من تخصصك ولكنها تتطلب جهوداً وأفكاراً تطويرية متجددة، فماذا أنت فاعله ؟
إن كنت من النوع الذي يميل إلى المألوف فإنك تختار ما ألفت عليه، أي تبقى في عملك والروتين الذي تعيشه، فهو يشعرك بالأمان، فلماذا تذهب إلى مجهول لا تعرفه وقد تفقد ما أنت عليه.. إنك إذن بهذا الاختيار تضع نفسك في خانة الروتينيين من البشر، غير المحبذين للتجديد والتطوير، فتظل جامداً لا تضيف إلى حياتك المهنية أي جديد، وتكون في حال كهذه عرضة للاستغناء عنك في أول قرار لتطوير وتجديد موقع عملك.
ولكن إن كنت من النوع المتجدد الراغب في استكشاف المجهول والمتطلع إلى التغيير المستمر والتجديد والتطوير، فإنك ستختار فوراً الوظيفة الجديدة، لأنها فرصة لك للخروج عن المألوف والروتين والجمود الوظيفي، وفرصة لاكتساب خبرات حياتية ومهنية جديدة، بل فرصة لمزيد من المعارف والمهارات واكتساب أصدقاء جدد.. واختيارك ذاك سيملأ نفسك بشعور التحدي، الذي هو سر الإبداع والإنتاج المستمرين.
اختيارك ذاك يعني أيضاً أنك على مواعيد كثيرة لمزيد من فرص الترقي في حياتك المهنية، وفرص الحصول على خبرات حياتية لم تكن لتحلم بها لولا اندفاعك نحو المجهول وابتعادك عن المألوف والحياة الروتينية، التي تسببت في ضياع الكثير من الفرص عن كثيرين ممن يؤثرون السلامة عن اكتشاف المثير والجديد في هذا العالم.. فمن أي الفريقين أنت؟
أرجو أن تكون من النوع المحب للمجهول، لأنك تتوافق معي وأعتذر للفريق الآخر المحب للمألوف وأتمنى له كل خير، حتى لو لم يتوافق معي فهذه هي الحياة، أبيض وأسود، ليل ونهار، خير وشر.. ولولا الاختلاف والأضداد لما كانت هناك حياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق