أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 26 مايو 2016

هل هناك غيرنا في الكون ؟


   هل هناك غيرنا في هذ الكون ، أحياء أو مخلوقات من نوع معين ؟ سؤال قديم متجدد.. فكما أنه أشغل أذهان القدماء، فهو الآن يشغل أذهان المعاصرين، وسيظل يشغل أذهان القادمين في مستقبل الأيام إلى ما شاء الله من السنين.
  
   توصل علماء الفلك بعد سلسلة أبحاث ودراسات ممتدة منذ سنوات عديدة، إلى أن عمر الكون حوالي 13700 مليون سنة، فيما عمر كوكب الأرض حوالي 4500 مليون سنة بحسب قياسات معينة يعتمدها العلماء في تحديد أعمار الكواكب ومنها الأرض، وليس من داع لخوض كثير التفاصيل العلمية هنا.
   
   نكرر التساؤل ونقول: هل هناك غيرنا من الأحياء في هذا الكون؟ قد نطرح سؤالاً فيه الجواب على التساؤل أعلاه، يقول: هل من المنطق والعقل أن يكون هذا الكون وبهذه السعة الهائلة والمسافات الشاسعة بين نجومه ومجراته، ليس به أحياء أو دواب غير التي في كوكبنا، الذي هو مقارنة بأجرام كونية أخرى، كحبة رمل أو أصغر في صحراء شاسعة ممتدة؟
  
   حتى تتضح الإجابة أكثر، دعونا نقرأ معاً، آية عظيمة في سورة الشورى، ربما مرات ومرات قرأناها ولم نقف لحظات عندها للتأمل والتدبر والفهم - وكاتب السطور منهم - والتي أحسبُ أنه بشيء من التفكر فيها، سنجد أنها تجيب على التساؤل القديم الذي عاش البشر حائرين سنوات عديدة يبحثون إجابة شافية عليه.
   
   يقول الله عز وجل فيها:" ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير.". كلمة السر ها هنا نجدها في كلمة (دابة) وقد قال المفسرون بأنها " ما يدُبّ على الأرض، أي يمشي فيشمل الطير، لأن الطير يمشي إذا نزل، ويجوز أن تكون في بعض السماوات موجودات تدبّ فيها، فإن الكواكب من السماوات ".
  
   الآية تشير إلى أن هناك دواباً أو كائنات تدب وتمشي على الأجرام المنتشرة ما بين السماوات والأرض، لكن ما نوعها وجنسها وطبيعتها، فهذا ما لم يعرفه الإنسان بعد، فمبلغ علمه أن هناك إنساً وجان، وحيوانات مختلفة الأنواع، وأحياء ميكروسكوبية عديدة على كوكب الأرض، أما خارجه فالبحث مستمر. والزعم بأنه لا حياة خارج الأرض لأنه لا ماء، فهذا لا ينفي وجود دواب وكائنات أخرى في كواكب المجموعة أو المجرة أو هذا الكون الفسيح، لا تعتمد على الماء لتحيا كما الأحياء الأرضية.. ولا يشك أي عاقل ومتأمل في آيات الله الكثيرة، أن هذا الكون ليس للإنسان فقط، بل سيكون من غير المنطق أن يكون هذا الكون بضخامته واتساعه المستمر، لجنس البشر الذي يحيا على كوكب، هو بمثابة حبة رمل مقارنة بأجرام كونية هائلة الضخامة.
 
  لا يمكن اعتبار الكواكب السيارة مثلاً على أنها أجرام تدور هكذا في الفضاء حول شمسنا، ليستمتع بالنظر إليها في الليل بنو البشر. ولكن بدلاً من ذاك النوع من التفكير، سيكون من الأحكم والأجدر هو التفكر في هذا الاتساع المستمر للكون، والنجوم العملاقة التي تولد وأخريات تنفجر وتموت، والمعلومات الهائلة المتدفقة من علماء الفلك عن اكتشاف كواكب في مجرات بعيدة يُعتقد بوجود حياة فيها.

   إن مثل تلك الاكتشافات لا يجب أن تؤخذ كترف فكري أو معلوماتي، بل يجب التأمل فيها ملياً، خاصة أن القرآن يحتوي على آيات كثيرة تدعو للتأمل والتفكر في خلق السماوات والأرض، وآيات أخرى تشير إلى أن الكون ليس للإنسان فقط، على الرغم من أن الله قد سخر الكون وما فيه لهذا الإنسان، لكن لا يعني ذلك فراغ هذا الكون من كائنات أو مخلوقات لم يبلغ العلم البشري بعدُ في معرفتها.   

   
   قد تقول بأن الماء هو أساس الحياة، فأٌقول: نعم، ولكن ليس شرطاً أن يكون كذلك في مواقع أخرى في هذا الكون. الماء أساس الحياة لنا كبشر وبقية الأحياء الأخرى على الأرض، ولكن ربما هناك مخلوقات تعيش في مجرات، الماء ليس أساساً أو شرطاً لحياتهم، بل ربما يوجد عنصر آخر لا نعرفه، أو أن حياتها وتركيبتها مختلفة. وفي هذا السياق، ليس من الحكمة مثلاً التقليل من شأن قصص الأطباق الطائرة، كواحدة من الأدلة الممكنة على وجود غيرنا في هذا الكون، بل لا يجب تحجيمها أو ربطها بالأمريكان والروس ضمن إطارات أسلحة التجسس وما شابه، والأمر يشمل كذلك قصص كائنات فضائية تظهر هنا أو هناك.
   
   ملخص هذا الحديث يدور حول أمر مهم يتمثل في عدم التهوين من مثل تلك القصص والمعلومات، بل ضرورة التفكر فيها، والتعمق أكثر فأكثر في آيات القرآن وتدبرها، ومتابعة العلماء والباحثين في هذا المجال، وصناعة نوع من الحرص في النفوس على أن نكون من أولئك  " الذِين يَذكرُون اللَّهَ قيَاماً وَقعُوداً وعلى جُنُوبهمْ، ويَتفَكَّرُون فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ ربنا مَا خَلَقْتَ هذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ".
      

ليست هناك تعليقات: