أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 23 مايو 2012

الانتخابات المصرية .. الاسلاميون يرسمون المستقبل



  اليوم، الأربعاء الثاني من رجب عام 1433 للهجرة والموافق للثالث والعشرين من مايو لعام 2012 للميلاد،هو بحق يوم تاريخي لمصر والمصريين. ويحق لشعب مصر أن يكتبوا تاريخ اليوم من ذهب،ويكون يوماً وطنياً ينافس ربما يوم الاستقلال أو أي يوم وطني آخر للمصريين، الذي وبحسب ظني لا يعادل هذا اليوم أي يوم مر على مصر منذ أكثر من قرن من الزمان فائت.

   أن يأتي اليوم خمسون مليون مصرياً ليختاروا رئيساً للبلاد وبشكل حر نزيه لا ضغوط ولا إرهاب أو تخويف من أمن دولة أو غير ه من أجهزة القمع السابقة أو بلطجة ممنهجة ، فهذا انجاز يُحسب للثورة المصرية وللمصريين جميعاً بغض النظر عن بقايا فلول هنا وهناك ، تعيش أسوأ أيامها وهي ترى البلاد منتعشة حرة ، يتحرك الشعب بكل أريحية ليختار الرئيس ، والرئيس في مصر يعني الكثير .. فمتى كان للمصريين وغيرهم من الشعوب العربية والشرقية تقريباً حرية اختيار الرجل الأول منذ فرعون موسى الغريق الهالك ؟

   اليوم سيختار المصريون الرجل المناسب الذي سيكون عامل استقرار وبنسبة كبيرة لهذا البلد المحوري الكبير.. بلد مثل مصر بحاجة حقيقية إلى استقرار وهذا الاستقرار لن يكون سهلاً في محيط لم يعرف للاستقرار طعماً منذ عقود ، وإن بدا ظاهرياً بعض الهدوء هنا وهناك .

  
 بنظرة سريعة إلى من تبقى في سباق الرئاسة حتى اليوم وهم 13 مرشحاً ، يبدو ومن خلال المشاهد الأولية للتغطيات التلفزيونية ، أن حظوظ من يسمونهم في مصر بالفلول أو بقايا النظام والعهد السابق ، حظوظهم أقل من فرسان جدد يدخلون عالم السياسة بعد حظر طويل أو احتكار مقصود على فئة أو حزب معين بل وجوه محددة سلفاً ..

   شعوري أن المصريين يريدون الجديد في الفكر والتنظيم والإدارة وحتى الأشكال والوجوه . فقد عانى الملايين طويلاً من الشعارات الجوفاء ، ورغبتهم اليوم في رجل يحقق لهم ، ليس بالطبع كل أمانيهم ورغباتهم التي طال عليها الدهر ، بل يقطع شوطاً كبيراً في هذا المسعى وبشكل متدرج يشعر معه المصريون بجديته وليس كما كان عهدهم بالعهود السابقة منذ الملك ومروراً بالعسكر ..

   ظني ان المصريين سيبذلون جهدهم في قطع أكسجين الأمل في العودة للحياة السياسية عن الفلول بمختلف توجهاتهم ، وظني أن عمرو موسى وأحمد شفيق سيكونان على رأس قائمة المستهدفين من الشعب المصري بشكل عام .

   باستثناء أبوالفتوح ومرسي وربما بعض الشيء العوا، سيكون بقية المرشحين أشبه بتكملة عدد ، وسيكون مكسبهم من هذه الفعالية التاريخية هو تسجيل مصطلح " مرشح رئاسي سابق " في سيرهم الذاتية ليس أكثر ، فالجو أو المزاج العام في دول الربيع العربي يميل وبشدة، رغم كل حملات التخويف والتشويه ، صوب التيار الإسلامي . وقد ثبت ذلك فوراً في دولة عاشت لسنوات طويلة تحت حكم بوليسي صارم وهي تونس ، وما إن انفرجت بعض الأمور في المغرب حتى وصل الإسلاميون لرئاسة الحكومة، وهذا ما سيحصل أيضاً في ليبيا في انتخاباتها القادمة قريباً .. هذا المزاج الذي احترمته أمريكا فوراً ، ليس حباً في الإسلاميين بالطبع بقدر ما  هو مسايرة لواقع يفرض نفسه ، وأمريكا وبقية الغرب لا يهمهم من يحكم بقدر من تكون مصالحهم آمنة معه . وهذا فكر واقعي معروف عن الغرب وإن تشدق بالمبادئ والقيم والأخلاقيات وغيرها ..

    في هذا الجو ، ليس معقولاً أو مقبولاً أن تشذ مصر عن المحيط ، ويعيد المصريون أنفسهم إلى عهد بائد ، مهما حاول أو يحاول البعض من مرشحي ذاك العهد إثبات حسن النوايا أو إعلان التكفير عن ذنوب وسيئات الماضي .. سيستمر المصريون في قهر ما تبقى من العهد البائد أو هكذا الظن بهم ، وبالتالي لن يجد موسى أو شفيق ما يؤهلهم للصعود إلى الجولة التالية التي غالباً ستكون ، باعتبار أن الأصوات الراغبة في قهر الفلول ستتفرق أيضاً بين المرشحين الثلاثة على الأرجح ، أبو الفتوح ومرسي والعوا، لكن من المرجح أنه لو حدثت جولة إعادة، فإن أبوالفتوح أو مرسي سيكونان في المنافسة ، وفي كلٍ خير ، أو هكذا الظن بهم عند نسبة كبيرة من المصريين .

  لن أطيل في الكلام والشرح ، ولكن هذه انطباعات أولية لأهم وأبرز حدث عربي إلى الآن في عام 2012 ، عسى الله أن يكتب كل نجاح وتوفيق لمصر وشعبها الذي يستحق أفضل مما كان عليه .           

ليست هناك تعليقات: