أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الثلاثاء، 1 فبراير 2011

الكرسي الفرعوني ..


 لن  أتكلم عن بعض مقتنينات وكنوز المتحف الفرعوني الذي تعرض للنهب قبل أيام في أرض الكنانة حفظها الله ، ولكن لي خاطر في الحديث عن كرسي فرعون ، الذي شغل الأرض حيناً من الدهر .. ومن لا يعرف هذا الفرعون ؟

   إن كرسي فرعون موسى تحديداً  هو من أبرز وأشهر الكراسي في التاريخ البشري إلى الآن. وما جاء ذكره في القرآن الكريم إلا لشهرته أولاً ولأن الله عز وجل أراد بذكره أن يتعظ ويعتبر كل من يجلس على كرسي، أي كرسي مهما كان نوعه، حتى لو كان مثل كرسي  فرعون. 


    على الرغم من هيبة الناس لكرسي فرعون موسى، إلا أنه اهتز منذ أن تواترت الأنباء عن وجود فتى من بني إسرائيل، والذي على يديه سيكون زوال ملك فرعون وتحطم كرسيه.   وقد وقع فعلاً ما كان يتناقله الناس قبل أكثر من ثلاثين عاماً..  حيث وقف موسى مع أخيه هارون أمام فرعون، وهو الملك المهاب الذي أذل البلاد والعباد حيناً من الدهر طويلاً. 


    وحدثت هزة ثانية له بوقوف موسى أمامه من دون ركوع أو خوف مبين. وبدأ يتحدث إليه من بعد أن شرح الله له صدره ويسر أمره وأحل عقدة كانت في لسانه تعوقه عن التحدث بطلاقة وانسيابية. 


    ثم وقعت الهزة الثالثة لفرعون، ولكرسيه بالضرورة، من بعد أن رأى آيات الله الكبرى، عصا موسى تتحول إلى حية تسعى، ويده تخرج بيضاء من غير سوء بعد أن يضمها إلى جنبه، فلم يملك فرعون حينذاك سوى دعوته إلى مناظرة كبرى أمام الناس في يوم عيد، ظناً واعتماداً على قوته الإعلامية في إقناع الناس وتزييف الحقائق. 


   ووقعت الهزة الرابعة له وأمام الناس كما أراد فرعون بنفسه وليس بناء على رغبة موسى.. حيث سجد عمالقة السحر في زمانهم لله رب العالمين، من بعد أن رأوا ما كانوا عليه من ضلالة، وكيف أنهم كانوا يزيفون الحقائق إرضاء لفرعون وحاشيته، والتي على إثرها ضاعت حقوق وسالت دماء.

   لم يصدق فرعون ما رأى، واهتز لذلك بشدة، وبالطبع وصل الاهتزاز لكرسيه الذي آنت شمسه على المغيب بعد قليل. فوقعت الهزة الخامسة والأخيرة له وهو يرى انفلاق البحر أمامه، وكيف يعبر بنو إسرائيل وسط هذا الانفلاق العظيم الذي لم يحدث له مثيل من قبل.


    وقعت رجفة في قلبه من هول المشهد، ولكن من أعمى الله بصيرته، لا يمكن أن يرى أي مشاهد تقع أمامه ولو في وضح النهار.. بل استمر في ضلاله، واندفع وراء شعبه من المستضعفين، حالماً حلم يقظة بالقضاء عليهم كما كان يعتقد دوماً بقوته وجبروته ، وفي الوقت نفسه يفكر من بعد أن يعود من هذه المعركة في كيفية تثبيت أركان كرسيه المهتز بشدة في قصره..

   وما بين هذا التفكير وذاك،  جاءت اللحظة الحاسمة التي لم يعد بعدها فرعون إلى قصره أو كرسيه.. فقد غرق فرعون ومن معه، وتحطم كرسيه وإلى الأبد، فكان بذلك عبرة لمن أراد أن يعتبر ، وقليل ما هم .. 



ليست هناك تعليقات: