أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

السبت، 27 نوفمبر 2010

لا تستعجل في تكوين العلاقات


   
   مواصلة لحديث الأمس حول أهمية التريث والتمهل في بناء العلاقات مع الآخرين، أقول بأهمية عدم استعجال النتائج أو الدفع بالعلاقات نحو النهايات المرغوبة، دون منح عملية البناء الوقت الكافي واللازم لنضوج العلاقة ولضمان استمراريتها وعدم اهتزازها عند أول صدمة أو عقبة ..

 وحين أقول وأكرر عبارة  " بناء العلاقة " ، فهذا يعني أن المسألة شبيهة بقيام أي أحد منا ببناء منزل. إن أحدنا حين يقرر بناء منزله، فإنه لا يستعجل الأمور ولا يدفع بمقاول البناء إلى تسريع العمليات، لأن لكل مرحلة خصائص وظروف، والأوقات تختلف لكل مرحلة، والاستعجال سيؤدي إلى نتائج غير مرغوبة في النهاية أو بعد حين من الزمن لا يطول..


    المستثمرون الناجحون في كسب الناس يدركون تماماً أن عملية بناء العلاقة مع شخص تتطلب وقتاً وتتطلب الكثير من التمهل وعدم الانتقال من خطوة أو مرحلة إلى أخرى قبل التأكد من أن المرحلة تامة ولا فيها ما يعيب أو يمكن أن يؤثر على مراحل مستقبلية قادمة..


    لابد أن عملية البناء تمر بالعديد والكثير من عمليات أخرى داخلية تعنى ببناء الثقة والاحترام المتبادل، والوصول إلى تحديد القيم والمواقف المشتركة، ويعرف كل طرف من الآخر، مواقفه وقيمه ومبادئه وطرائق تفكيره وثقافته بشكل عام، حتى إذا ما استأنس كل طرف لآخر وحصلت توافقات وتناغمات، يتم الانتقال إلى مرحلة أخرى يتم تعزيز ما تم التوصل إليه في كل من الآخر، والبدء في اكتشافات أخرى.


   لابد أن يمر الطرفان على مواقف عديدة كفيلة بكشف المعادن. إن مواقف الفرح والحزن، أو النصر والهزيمة، أو مواقف تتطلب ثباتاً وتضحية، كلها تعزز عامل الثقة وتدفع في حال تجاوزها بنجاح ، إلى دعم العلاقة بصورة إيجابية وقوية، قد تصل بها إلى أن تكون أقوى من العلاقة الأسرية.


    لمثل هذه النوعيات من العلاقات يستثمر الناجحون في الحياة علاقاتهم مع الآخرين مهما طال الزمن، فليست العبرة بكثرة المعارف والمحيطين، بقدر ما هي بنوعية من تعرف، الذين يسعدون بوجودهم على قائمة أصدقائك ومعارفك، في حال السراء أو الضراء.. 

   قد يقول قائل بأن التريث والتمهل في مسألة تكوين وبناء العلاقات قد يعني هدراً للوقت في عصر سريع لا يعترف بالتمهل.. وأقول نعم، هذا عصر سريع لا ينتظر ولا يرحم، واعترف رغم ذلك بأن هناك القليل ممن لا يكترثون لهذا الحاصل في عصرنا، ويستمرون في تريثهم في مسألة بناء العلاقات..


    لكن مع ذلك أيضاً ولمحبي مجاراة العصر وسرعته، الراغبين في تكوين علاقات مع الآخرين، أقترح لهم طريقتين.. وهما موضوع حديث الغد إن شاء الله ..



ليست هناك تعليقات: