أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

السبت، 27 نوفمبر 2010

كن مستثمرا لا تاجراً ؟



      من يشتغل في التجارة وعالم الاقتصاد المالي والاستثمارات في العقارات والأسهم وغيرها، يدرك الفرق بين التجارة والاستثمار، أو الفرق بين أن تكون تاجراً أو أن تكون مستثمراً.. فالفرق مهم وكبير ونوعي كذلك.

  التاجر نظرته قصيرة وحركته سريعة وينتظر النتائج بشكل سريع. بمعنى أن تركيزه على التكتيكات والخطط السريعة الجالبة للربح وإن كان قليلاً. بعكس المستثمر الذي يعمل وفق إستراتيجية طويلة الأمد، وحركته مدروسة لا عجلة فيها أو عدم تركيز، ولا يستعجل النتائج. إنه ينتظر بينما التاجر لا ينتظر. وهذه هي بعض الفروقات.. ولمن أراد الاستزادة، فليبحث عن صديق له مستثمر، وعن آخر تاجر، ويجلس إليهما ليعرف كيف يفكر كل منهما..

   ما يهم في موضوع اليوم ليس التحدث عن التجارة أو الاستثمار في الأموال، فلست من يتحدث في هذه الأمور، وأعترف بكل أمانة أنني لست تاجراً ولا مستثمراً ولم أقدر يوماً خوض عالم التجارة والأعمال، ولا أعتقد أني سأكون كذلك.. ولكني أستثمر في نوع خاص من المعاملات هي موضوع حديث اليوم..
  أن تكسب إنساناً في حياتك، فإنما يدل على أنك مستثمر ناجح وصاحب رؤية ثاقبة وتسير وفق استراتيجية طويلة. لكن ما معنى كل هذا في العلاقات الإنسانية؟ وهل نحن في تجارة أو حرب حتى تكون هناك خطط واستراتجيات واستثمارات؟ 
   نعم نحن في علاقاتنا مع الغير ومحاولات البناء، في حالة أشد من التجارة ومنافساتها، الشريفة منها وغير الشريفة، أو الحرب وضراوتها.. التجارة قد تكسب أو تخسر، وتعيد المحاولة تلو الأخرى، وبالمثل الحرب، كر وفـر، وهزيمة ونصر. لكن في مجال بناء العلاقات مع الناس، فالأمر يختلف تماماً..
   إن بدأت في تكوين وبناء علاقة ما مع إنسان، وفجأة ولظروف أو أسباب معينة، تدهورت العلاقة وخسر كل منكما الآخر، فلا تعتقد أن الأمر سيكون سهلاً على كليكما العودة للبناء ومواصلة المسير. لا، المسألة غاية في التعقيد والحساسية.
   هذا الأمـر ربما هو من نوادر الأمور التي تحتاج إلى التريث والتمهل وعدم الاستعجال أو الدفع به للوصول إلى النهايات المرغوبة.. المستثمرون الناجحون في علاقاتهم الإنسانية، تجدهم أكثر الناس تمهلاً وتريثاً في مسألة تكوين العلاقات وتعزيزها، وليس غريباً إن وجدت أحدهم وقد خرج مع نهاية العام بعلاقة أو علاقتين.. إنه لا يستعجل النتائج بل هو على يقين أنه كلما طال الوقت كلما استطاع التغلغل إلى أعماق الطرف الآخر، وفهم نفسياته ومكنونات قلبه وذهنه، وبعد ذلك يكون مهيئاً لاتخاذ قرار المواصلة ، من بعد أن يبدأ يستشعر توافقاً حاصلاً وتناغماً في التفكير والأداء ، والنظر في الأمور والأشياء معه أو معها.. 

وللحديث بقية 

ليست هناك تعليقات: