فعلاً التاريخ يعيد نفسه.. فما يحدث في حلب هو
نسخة مما حدث في المدينة نفسها قبل قرون ستة مضت.. فمما جاء في كتب التاريخ أن السفاح
تيمورلنك، بدأ يهدد الحواضر الإسلامية، رغبة في
الثأر من هزيمة المغول في عين جالوت، وكانت حلب ضمن المدن المهددة، فما كان من
أمراء قلعة حلب سوى الاعتصام بها، لعلمهم بأنه لا أحد من المسلمين حولهم سيبعث
النجدة والمدد، لمقاومة جحافل التتار.
لكن حلب اضطرت للاستسلام تحت ضغط المجازر التي
ارتكبها تيمورلنك بالمدينة، ظناً بأن الاستسلام قد يلين قلب تيمور المظلم، فيأمر بإيقاف
المجازر. لكن مصير حلب لم يتغير. إذ قامت مذبحة كبيرة على يد التتار في
المدينة، واغتصبت النساء علانية، ولم ينج أحد من القتل حتى الأطفال.. وتم إشعال
النيران في حلب لمدة أربعة أيام بعد تدميرها تدميراً شبه تام. وحبس تيمورلنك أمراء
المدينة المستسلمين له. وسقطت حلب، وأصبحت موحشة مظلمة تنعي أطلالها.
تيمورلنك هذا القرن ليس شخصاً واحداً، لأنه صار
يتمثل في كل الذين احتشدوا وتآزروا ضد مدينة حلب. نظام بشار مع الداعمين له من
الروس والحرس الثوري الإيراني وحزب الله وبقية قطعان الميليشيات المتنوعة من هنا
وهناك.
تيمور لنك الجديد لا يختلف أبداً عن ذاك
السفاح الدموي التتري، الذي أهلك الحرث والنسل في حواضر المسلمين، حلب ودمشق
وغيرها، وكان يمكن أن يستمر ويزحف على مدن وحواضر أخرى، لولا الموت الذي به أراح
الله منه البلاد والعباد والطير والجماد..
التحالف
التيموري لن يتوقف في حلب، ولن يهدأ له بال حتى يبيد الحرث والنسل، ما لم تتحد
الجهود المخلصة وتوقفه، وإلا فهو مستمر، مدفوع بحقد طائفي بغيض، وذاكرة تاريخية
موغلة في الحقد والانتقام، تسانده قوى دولية تبحث عن مصالحها، حتى وإن هلك مئات
الألوف من الموحدين، رجالاً ونساء وأطفالا.. ودع عنك كل مواثيق ومبادئ الأمم المتحدة.. إذ طالما أن الخاسر الأكبر في مثل هذه الأحداث، مسلمون، فالأمر فيه سعة، وقابل
للتريث والبحث والمشاورة. وشواهد التاريخ الحديث أكثر من أن تُحصى أو تُنسى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق