الاثنين، 27 يوليو 2015

حلاوة اللسان.. هبة ومهارة


   الله سبحانه يدعونا إلى الكلام الطيب والحسن الجميل :" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن .. " ، فإن تحدثت فقل الأفضل واختر الأجمل من الأقوال والعبارات ولكن بالحق ، لا تجـامل ولا تنافـق ولا تداهـن.. بل قل الحق وتفنن وأبدع في تجميل الأقوال لكي تعبر إلى القلوب قبل الآذان .. 

  إن اكتساب مهارة تجميل الكلام وإضفاء الحلاوة على اللسان عملية معقدة ولكنها يسيرة .. فلو أراد  شخص أن يكسب الناس بكلامه الطيب ولسانه الحلو ، فإن ذلك يتطلب المهارة أولاً ، وتلك المهارة يمكن اكتسابها بالتدريب المستمر ،، شأنها شأن أي مهارة لدى البشر مع ضرورة صفاء القلب والنيات تجاه الآخرين قبل السعي لاكتساب المهارة..
 
  من أساسيات اكتساب هذه المهارة اختيار الكلمات ذات الجرس الموسيقي أو التي تحمل في معانيها،  الطيبة وخفة الروح ، فإن استخدام الكلمات التي تحمل أكثر من معنى ومغزى،  من شأنه إفساد الكثير ولو كانت النية إصلاح أو كسب ود .. لاحظ أن أساتذة فن الخطابة يرددون هذا الأمر بكثرة وأن المهم ليس في إلقاء الكلمات وإخراجها من الفم ، بل الطريقة التي تقول بها وتستخدمها لإيصال كلماتك إلى قلوب المستمعين قبل آذانهم .
   
  كثيرون يفشلون في الوصول إلى الآخرين وتوصيل ما بأنفسهم إلى الناس من رسائل وقيم ومعاني ، بسبب فشلهم في استخدام الكلمات التي في نفوسهم بالصورة المثلى والمؤثرة . تراهم يخرجون الكلمات بلا روح أو حماسة وحرارة ، بل تخرج باردة لا لون لها أو طعم ، فلا تجد آذانا صاغية ، فضلا عن القلوب التي لا تقدر على أن تفتح أبوابها لتلك الكلمات .

  
   تلك كانت ناحية أولى في كسب الآخرين من خلال الكلام الطيب  . أما الجانب الثاني فهو كيفية إثارة الآخرين لقبول حديثك أو قبولهم بشكل عام للتحدث معك ، على افتراض أنك تقابل إنساناً لأول مرة أو مرات عديدة .

   ها هنا احرص على أن تبدأ بالحديث أو إيجاد قاسم مشترك بينك وبين مستمعك ، وبحيث تضمن أنه لن يختلف معك ، ولك أن تبدأ مثلاً بالطقس أو غلاء الأسعار أو ظلم المديرين في العمل وقلة الرواتب ، أو شقاوة الأطفال وصعوبة التربية وغيرها من موضوعات .. ولا أعتقد أن أحداً سيختلف حولها ، بل لعلها تكون مداخل طبيعية لكسب الآخرين من خلال الحديث .
   
   بعد فترة من تلك الأحاديث التمهيدية ، دع جليسك  يتحدث عن نفسه وما بها من توترات وآلام وانفعالات وأفكار ، وتحول أنت إلى مستمع فقط ، فإنك ستجده بشكل تلقائي وقد أحب التحدث إليك واعتبرك من أنبل خلق الله وأحسنهم ، وأنه لا مثيل لك في أخلاقك وشخصيتك .. وهكذا تخطو خطوة مهمة في كسب الناس وأنت تستمع وتنصت إليهم ، مثلما تكسبهم وأنت تتكلم بالحلو من الكلام معهم . أي أنك في كل الأحوال  تكسب الغير ، صامتاً ومتحدثاً .. وهذه ميزة قلما تجدها في الناس ، والتي أرجو أن تكون أنت من الذين حباهم الله بها ولم يحرمهم منها .. وتذكر دوماً قوله صلى الله عليه وسلم : الكلمة الطيبة صدقة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق