الخميس، 2 يوليو 2015

النفسُ حين تُقهـر

   
  حين تكسر وتقصف وتقمع وتكتم الأنفاس وتقتلها ... إلى آخر قائمة طويلة من مصطلحات العنف والقهر ، فلا تتوقع أن تلقى وداً ولا حباً أو ابتسـامة وقبولا، بل بقدر الفعل ونوعيته، ستجد رد الفعل، أو هكذا قانون نيوتن يقول.. لكل فعل رد فعل مضاد في الاتجاه ومساو له في القوة .. وهذا هو منطق الأشياء حولنا في هذه الحياة .

   
  العنف لا يولد إلا عنفا ، بغض النظر عن نوع هذا العنف ، مادياً كان أم معنويا.. فإن كثرة الغليان مع عدم وجود أي متنفس للبخار ، لابد أنه مؤدي إلى انفجار .. أو هكذا الأمور تبدو سهلة واضحة عند أولي الألباب السليمة النيّرة ، إلا بعض نوعيات الألباب من تلكم التي لا تفهم مثل هذه القوانين الحياتية ، فتجلب لنفسها وما حولها من الكوارث الكثير الكثير.. وقد سبق أن قلنا بأن حوادث العنف هي نتائج لأداء أو عمل ما ، تم في وقت سابق أو ما زال مستمراً ،  وهذا بدوره يفسر بأن غالب تلك النتائج هي ردود أفعال قد تنتهي بتوقف البواعث والمحفزات .

   
  الإنسان ليس كتلة لحم وشحم ودم وعظم فحسب، بل هو كذلك كتلة متحركة من مشاعر وأحاسيس عظيمة عميقة .. قد يتعرض هذا الإنسان لصنوف من القهر والعذاب تقع على كتلة اللحم والشحم والدم والعظم ، فيفقد بعد حين من الدهر ومن شدة العذاب،  الشعور بما يحدث حوله وعليه ، لكنه من المؤكد أنه لن ينسى المشهد ، الذي يذهب إلى أعماق الذاكرة ويسكن في حجرة من حجرات الذاكرة ينتظر استدعاءه في أي وقت ومع أي مؤثر مرتبط بالمشهد ، ليبدأ الدخول في سيناريو جديد !
   
   من هنا قد ينسى المرء عذابات الجسد بعد أن يخرج من جو العذاب ، لكن بركاناً هائلاً يغلي دوماً بداخله ، لا يدع له مجالاً لتجاهل ما حدث وإن حاول وحاول .. ذلك أن شروخات النفس وقهرها على يد جلاد أو سجان أو ظالم متكبر جبار ، أكبر وأعظم من النسيان ، خاصة إن ظل حال الجلاد أو الظالم كما هو لم يتغير.. مستمرٌ في إلحاق الأذى بالآخرين .. ها هنا ، لن تجد معاني  " العفو عند المقدرة " حاضرة بالذهن والنفس ، بل كأن هذا الإنسان لم يسمع قط عن تلكم المعاني .. وبسبب ذلك ، وتلك المشاعر الدفينة ، نجد ردود الأفعال هنا وهناك ، على شكل حوادث عنف متنوعة في الشكل وكذلك المحتوى .. فهل من مُدّكر ؟               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق