الأربعاء، 22 مايو 2013

هل الكوارث الطبيعـية غضبٌ إلهي ؟


 
   
   الإعصار الذي اجتاح إحدى ضواحي مدينة «أوكلاهوما» بالولايات المتحدة الأميركية، يوم أمس الأول، خلّف حتى تاريخ كتابة هذا المقال ما يقارب من 60 قتيلاً، وترك الكثير من الجرحى أيضاً، ودمر في طريقه الكثير من المنازل والسيارات والأشجار، وكأنما حرب جرت بالمنطقة كما أظهرتها الصور التي بثتها وكالات الأنباء.. وأعلن الرئيس الأميركي أن تلك الضاحية منطقة كوارث، وأمر بدعم اتحادي عاجل للإغاثة، إلى بقية القصة المعروفة في الولايات المتحدة سنوياً.. 

   ما حدث هو نوع من الكوارث التي تحدث على الأرض، لظروف بيئية ومناخية متنوعة، ربما للإنسان بعض الدور في حدوث تلك الكوارث، عبر مخالفة قوانين وسنن وضعها الله لتسير الحياة بآلية معينة، ولكن ليس هذا هو موضوعنا اليوم.. وبما أننا نتحدث عن الكوارث الطبيعية، فمن المناسب القول بأن ما يقول به البعض إنها غضب من الله ينزله على أميركا جراء أفعالها في مواقع ومناطق حول العالم، وأن هذه الكوارث جزء من العقاب الإلهي لها، إنما هو كلام غير دقيق، ويحتاج إلى كثير أدلة وشواهد، إن جئنا نقارنها بما وقع للأولين من الأقوام البائدة الذين ذكرهم الله في القرآن.. 

  نحن - المسلمين - كما يلاحظ ذلك كثيرون منكم ، من أكثر الشعوب التي تتطرق في أحاديثها وتحليلاتها لمثل هذه الظروف، لتحاول إلصاقها بمسائل الغضب أو العقوبة الإلهية، فربما هي كذلك، ولكن مع ذلك لا يمكن القبول به بشكل يقيني تام لأنه لا نملك أدلة على ذلك، ولا ندري ماذا جرى في الغيب قبيل وقوع الكارثة، حتى نقرر بأن ما وقع مثلاً في أوكلاهوما هو غضب إلهي، باعتبار أننا لو أردنا تطبيق المعايير ذاتها، لكانت بلادنا الإسلامية إذن هي من أكثر بلدان الأرض التي تنهال عليها العقوبات الإلهية. بدليل كثرة عمليات الهرج والمرج والقتل والتفجيرات والحروب بين بعضنا البعض، إضافة إلى كثرة وقوع الـزلازل فيـها.. 

  إن الأعاصير والزلازل والفيضانات وغيرها من الكوارث، هي تغييرات طبيعية تتأثر بالمناخ وظروف طبيعية وجغرافية متعددة، وهي ربما تكون فعلاً رسائل إلهية للبشر لأجل زيادة الحرص والانتباه على حفظ نعمة الحياة على الأرض، وربما ليست كذلك، وإنما تحدث وفقاً لسنن وقوانين التغيير على هذه الأرض.. 

خلاصة ما أريد الوصول إليه ، هي ألا تكون نظرتنا إلى الأحداث والوقائع ضيقة محدودة، بل نريدها واسعة وشاملة، نفسرها بشكل منطقي سليم ومقبول، ولا نقوم بتفسيرها بحسب أمزجة وأهواء بشرية، ونقوم في سبيل ذلك بلي أعناق الآيات والأحاديث قسراً لتتوافق مع ما نريد من تفسيرات لوقائع وأحداث تقع في حياتنا بشكل يومي هنا هناك.. سائلاً الله -عز وجل- أن يحفظنا بحفظه ويرعانا برعايته.