الخميس، 15 نوفمبر 2012

اغتيال الجعبري .. ابحث عن الخونة



      ما إن تقترب الانتخابات الأمريكية حتى تتعطل مصالح كثيرة في العالم بسببها ، لأن " بشوات"  أمريكا يكونون منهمكين في الانتخابات ، وكل مرشح ، بما فيهم الرئيس الذي يكون في فترته الأولى ، منشغل بحملته الدعائية ، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي .. والأمر لا يختلف كثيراً مع الانتخابات الإسرائيلية ، التي يبحث المرشحون عن كل ما يدعم حملاتهم الدعائية ولو كان هذا الدعم على شكل دم غال يُراق بصورة وأخرى ، وهذا ما يجري بشكل اعتدناه كثيراً ، وآخره بالأمس في حادثة اغتيال الشهيد أحمد الجعبري .

   الجعـبري لمن لم يسمع عنه من قبل ، هو مهندس عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي شاليط ، وهو من أخفاه عن أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم ، الموساد والسي آي إيه ومن عمل معهما ، لفترة طويلة ، وهو من فاوض الإسرائيليين وإن لم يكن بشكل مباشر . لكنه بفضل الله استطاع فك أسر ألف فلسطيني من سجون الاحتلال مقابل ذاك الجندي ، وهو انجاز كبير يُحسب للشهيد ، وإخفاق ما بعده إخفاق للجهاز الاستخباراتي الإسرائيلي بل صورة الدولة الإسرائيلية التي لا تُهزم ولا تُقهر .

   بكل تأكيد لم ينس الإسرائيليون ضربة الجعبري الموجعة ، فصار هدفاً رئيسياً مهماً لهم يجب الانتقام منه بأي طريقة ممكنة، وهم يدركون صعوبة استهدافه لدقته في تحركاته وحسه الأمني شديد التعقيد كما يُذكر عنه .. لكن مع ذلك أصبح مطلوباً ، ولابد من تجنيد كل ما من شأنه تحقيق انجاز ما للدولة الإسرائيلية أو إن صح التعبير للجهاز الإستخباراتي الإسرائيلي ، وسيكون محظوظاً أي مرشح في الانتخابات الإسرائيلية ، إن تمكن من تحقيق هذا المطلب القومي ..

   وحصل ما تم التخطيط له طويلاً .. وتم اغتيال الشهيد أحمد سعيد الجعبري وهو في سيارة مسرعة ، بمدينة مزدحمة مثل غزة بواسطة صاروخ جاء من السماء ! صاروخ عرف طريقه وبكل دقة ، ليس لذكاء الصاروخ أو من أطلقه أو من يدير طائرات الاستطلاع التجسسية، ولكن لوجود عنصر آخر في العملية كلها ، وهذا العنصر هو من اغتال الجعبري وبكل برودة دم !

   ما كان ليحققق الإسرائيليون رغبتهم تلك لولا هذا العنصر المتمثل في شخص ، لابد أنه عربي فلسطيني ،  وفي لحظات معينة ، باع دينه وقوميته ووطنه وضميره من أجل حفنة دولارات خضر قد تسمنه في دنياه ، لكن وخزات وعذابات الضمير ستلاحقه إلى الدقيقة الأخيرة من عمره ..

   هذا الشخص الذي نتحدث عنه ليس بالضرورة أن يكون فرداً واحداً، فربما مجموعة تعاونت لكنهم جميعاً سيطرت عليهم نفس الروح ، أو ربما أنه فرد واحد استطاع بطرق معينة الوصول إلى الهدف بصورة وأخرى ، ويجمع من المعلومات ما تكفي للقيام بعملية سريعة غير معقدة ، كأن يضع لاصقاً على سيارة الضحية ، أو طلاءً معيناً بلون أسود على إحدى إطارات السيارة مثلاً أو غيرها من وسائل تتحول سريعاً إلى جهاز إرسال، ينتج عنه ذبذبات الكترونية تلتقطها طائرة استطلاع تحوم قريباً من منطقة جغرافية محددة ، لتترجمها إلى رسالة مشفرة تفيد بموقع الهدف بدقة عالية ، ينطلق على ضوئها صاروخ واحد فقط ينهي العملية كلها في ثوان معدودة.. وقد حصل .

    نعم ،  حصل وتحقق مراد الإسرائيليين عصر الأربعاء ، آخر يوم في عام 1433 للهجرة ، الموافق للرابع عشر من شهر نوفمبر 2012 للميلاد.. واستشهد " رئيس أركان حماس " ،  أو كما تقول إسرائيل عن الشهيد الجعبري  .. استشهد الرجل الذي أوجعهم كثيراً ، وصار هماً وقلقاً لا يُطاق ..

   خلاصة ما في الأمر والتي تهمنا كثيراً ، هي أن إسرائيل منذ أن ظهرت على الخارطة ، وهي تعتمد على الغير في تحقيق رغباتها ومطامعها ، سواء كان هذا الغير على شكل مساندين داعمين ومناصرين أم عملاء وخونة ، لا يهمهم في دنياهم أكثر من حقيبة دولارات ، يموت من يموت ، وإن كانوا من أبناء جلدتهم .. وهذا هو الأرجح في حادثة اغتيال الشهيد الجعبري ..

    ابحث عن العملاء والخونة الذين يتحركون ويتنفسون هواء غزة .. لولا هؤلاء الخونة ، ما راح عياش والمبحوح والجعبري وغيرهم كثير .. فهل يتم التنبه إلى ملف الخونة والعملاء مرة أخرى ، ويتم التعامل معهم بما يستحقون كما كان من ذي قبل ، أم يتم تركهم يعيثون في الأرض فساداً فوق فساد الاحتلال ؟ الأمر عند حماس ومن عنده مشاريع مقاومة الاحتلال .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق