الجمعة، 31 ديسمبر 2010

قل لي من تعاشر ...

  العبارة أعلاه تتكرر بنفس المعنى لكن بمصطلحات مختلفة.. يقول لك أحدهم: قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت، فيما آخر يقول لك: قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت، وثالث يطلب منك أن تقول له من تعاشر أو تصاحب ليقول لك من أنت.. إلى آخر قائمة قل لي لأقل لك..  الموضوع اعتبره مهماً في زمن أصبحت «جواذب» عديدة تحيط بالمرء منا، فصار لا يقدر على التفريق بين الضار منها والنافع.. بل وأصبح لا يقدر على رفض أي منها.. تراه ينجذب إلى هذا الجاذب حيناً، ثم تراه وقد انتقل إلى جاذب آخر حيناً آخر، وهكذا يسير بحياته متنقلاً بين جاذب وآخر وثالث.. 

   الجواذب التي أعنيها كثيرة.. خذ مثالا على ذلك عالم الإنترنت وما فيه من مسالك ومتاهات، أو عالم السيارات بالنسبة للشباب، أو عالم الزينة والجمال للبنات والنساء، أو عالم الفراغ وما يحدث للناس مما لا يتوقعونه أو يرغبونه، أو عالم المال أو التجارة أو السفر أو التنافس على الكراسي والمناصب وغيرها كثير كثير.. 

   كل تلك «الجواذب» عمرها قصير مهما بدت قوية ومؤثرة.. وكلها ستنتهي وإلى زوال، ولا شك في ذلك.. لكن المشكلة كم منا من يتفهم تلك الحقائق أو يتبصر في تلك المفاهيم الحياتية، كل ذلك زائل ولن يبقى لأحدنا سوى ما كان من دم ولحم وعصب وعظم.. إنه الإنسان لا غيره.. ونظراً لأهمية هذه الحقيقة التي يغفلها الكثيرون أو يتغافلونها، تأتي مسألة اختيار الصاحب والصديق من المسائل العظيمة في حياة كل منا. 

   مسألة لا بد أن نوليها جل الاهتمام والرعاية، وحين تلوح في الأفق مؤشرات على قرب ظهور ذاك الصاحب المرغوب، لا بد حينها أن نعمل على تهيئة كل ما يمكن أن يوثق العرى ، ويعزز العلاقة معه إلى درجة العض بالنواجذ على العلاقة وعدم التفريط بها، لأنها إن بدأت بشكل صحيح فستبقى إلى النهاية، بل إنها التي تبقى للإنسان حين تذهب عنه كل ما كانت تجذبه إليها أو هو ينجذب إليها من تلك التي ذكرناها آنفاً.. 

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم ... تحية طيبة وبعد...
    شكرا لكم أستاذ عبد الله على مقالاتكم القيمة التي تساهم في إعادة النظر في حياتنا بشكل جدي وجديد وتساعدنا على فهم مشاعرنا وتحديد تطلعاتنا وبلورة فكرنا بشكل فعال ... أما فيما يخض موضوع اليوم "قل لي من تعاشر" فأنا اشاطركم ما ذهبتم إليه، فكل شيء زائل ومفارق إلا الصحبة والرفقة الطيبة، وإن وجدت يجب أن نعض عليها بالنواجذ على حد قولكم، إلا أنها هدايا إلهية إلى عباده .. ولهذا فلا يجب التخلي عنها أو تجاهلها بل يجب التمسك بها إلى آخر العمر ... ولا يعرف قيمة هذا الكلام إلا المجرب، ولهذا فأنا سعيدة جداا بما حباني الله من رفقة طيبة وصادقة ومخلصة .. وهنا اختم بعبارة للتوحيدي في موضوع الصداقة: كأني هو فيها أو هو أنا" و "الصَّديق هو أنت إلا أنَّه بالشَّخص غيرك".. ومن يصل هذه المرتبة يعرف الفرح والبهجة والغبطة في حياته لأنه بكل بساطة له صديق

    ردحذف