حياتنا الزوجية ليست مقدسة ولا مثالية منزّهة عن الخطأ أو لا تتعرض لهزات واضطرابات. بالطبع لا، لأنها، إن صح وجاز التعبير، مثل البحر الذي تحدث فيه ظاهرة المد والجزر كل يوم، ويختلف وقت المد والجزر من يوم لآخر تبعاً لقوانين فيزيائية معروفة.. فالزوج والزوجة، بشران صاحبا مشاعر وأفكار، وهذا ليس بغريب، لكن الغريب أن تتعرض تلك المشاعر والأفكار والأحاسيس لهزات واضطرابات ولا يتم الاتعاظ منها والاستفادة من دروس سابقة، كأن يحدث خلاف ما بين زوج وزوجة وينتهي بحل مرض للطرفين، وإذا بالخلاف نفسه يظهر مرة أخرى بعد حين من الدهر قصير، وكأنه لم يستفد أي طرف من الخلاف الماضي وحله ! ثبت من الدراسات النفسية أن أكثر ما يغيظ الزوجات هو تحول أزواجهن إلى كائنات صامتة لا تنطق بكلمة ولا تتفاعل مع ما يصدر عنهن من مشاعر غضب وقهر نتيجة أمر ما، فتعتقد الزوجات أن رد فعل أزواجهن الصامت، هو نوع من الاستخفاف بهن وعقولهن وبالموضوع المطروح للنقاش.. ولقد ثبت أيضاً بالدراسة والتحليل أن صمت الأزواج لا ينم عن استخفاف بزوجاتهم أو عدم اكتراث بما يقال ويصدر عنهن، ولكن هذا الصمت هو رد فعل طبيعي منهم نتيجة رغبة إنسانية بداخلهم كي لا يتطور النقاش ليصل إلى جدال ومراء وينتهي بفورة غضب رجالية، غير معروفة تبعاتها ونتائجها. الزوج يتجنب الرد بالمثل مع الزوجة، وخاصة حين يجدها منفعلة لأقصى حد، لأن الرد بالمثل والانفعال مثلها، لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة أولاً، ومن ثم يمكن أن تسوء الأمور أكثر فأكثر ثانياً، وتهتز مؤسسة الزواج أو البيت نتيجة إطلاق كل طرف لمشاعره وانفعالاته، لتصل إلى أقصى حد ممكن؛ إذ لا بد في مثل هذه المواقف أن يكون هناك طرف أقدر على ضبط نفسه والتحكم بمشاعره والرجل غالباً هو ذاك الطرف. خلاصة الحديث أن الأمور أوسع مما نتصور، وأنه يمكن التعاطي مع مشكلات الحياة المتنوعة بصور عديدة مثالية أفضل من النقاش الساخن المنفعل حولها وعليها، وأفضل من احتقار كل طرف لذات الآخر. يمكننا أن ننتقد أفعال بعضنا البعض ولكن دون أن يصل النقد إلى الذات، فالذات شيء كبير لا يجب على الزوج أو الزوجة الاقتراب منه وتجريحه والمساس به، مهما كان الموضوع كبيراً وساخناً .. والعقل بالطبع يسود حين الهدوء ويتعطل في حالات الغضب، ودائماً الحالة الأولى هي الفائزة، والثانية هي الخاسرة، والتجارب علمتنا ذلك.. |
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف