الاثنين، 6 ديسمبر 2010

الأمن .. الهاجس الأول لمجلس التعاون


مجلس التعاون وهو يبدأ عقده الثالث
الأمن .. الهاجس الأول .. وتوازن القوى  خطوة إستراتيجية

   سيظل الأمن الهاجس الأكبر لدول مجلس التعاون الخليجي . وكلما حان موعد اللقاء السنوي  لقمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر/ كانون الأول من كل عام ميلادي  ، فإن ملفات عديدة تتراكم أمام القادة وكلها تبحث عن حلول ناجعة . بعضها تتوافر لها الحلول ، فيما غيرها تهيم بين اللجان وأروقة الأمانة العامة  للمجلس بالرياض وإلى قمة قادمة ..
   
    

   على أنه مع كل تلك الملفات الاقتصادية منها والسياسية وغيرها ،  نعود ونكرر بأن الملف الأمني سيظل هو الأكثر صعوبة والأكثر أهمية وكذلك الأكثر تعقيداً لأسباب عدة، في حين تبقى أيضاً ملفات أخرى لا تقل أهمية، كالملف الاقتصادي وملف الوحدة والتكامل وملف العلاقات مع غير عرب الخليج وبقية الأمم والشعوب.
   لماذا يجب على قادة دول المجلس إيلاء ملف الأمن أهمية قصوى أكثر من أي ملف آخر؟ ولماذا يجب عليهم فعل ذلك الآن أكثر من أي وقت مضى على المجلس ؟ ولماذا يظل القادة يراوحون أماكنهم دون نتائج تذكر على هذا الصعيد ، وقد مضت على كيان المجلس ثلاثة عقود ، وهي مدة طويلة دون شك .. ؟

   
   إن المتغيرات الدولية شديدة التعقيد كما أنها شديدة التطور. وقد صار في اقتناع الكثير من المراقبين أنها ستظل كذلك أو أشد كلما مرت الأيام. ورجوعاً إلى الماضي سنجد أن نشأة المجلس في أوائل الثمانينات إنما كان لاعتبارات أمنية صرفة عضدتها الأحداث اللاحقة خصوصا في مطلع عقد تسعينيات القرن الماضي.
  
  اجتياح العراق للكويت قائظ 1990 لم يزلزل المنطقة فحسب، بل العالم كله،  وأصاب الخليج بالذهول لما جرى ويجري. وتبين كم هي الثغرة الأمنية واسعة لدى المجلس، ولم يكن من بد سوى سرعة الاستعانة بالغير من خارج المنطقة ، فكانت الأسرع أو الحاضرة دوما ، الولايات المتحدة وبعض دول الغرب، لتدخل المنطقة مرحلة جديدة من تجمع دولي لكن عسكري ..
    
   وبخروج العراق من الكويت بعد وقوف التحالف الدولي في وجهه وإلحاق الهزيمة به، بسطت الولايات المتحدة فعلياً سيطرتها على المنطقة، وتولت هي الجانب الأمني بحسب أهدافها وإستراتيجيتها بعيدة المدى في هذه المنطقة ، دون أن تدع احداً يلعب دوراً في هذا الجانب .. واستمر الوضع عقداً من الزمان حتى  تزلزل الوضع مرة أخرى بأحداث سبتمبر 2001 وتعقدت الحسابات الدولية ومنها حسابات المنطقة ..

   وهكذا الوضع استمر لسنوات ، صارت الولايات المتحدة من تدير أمن المنطقة ، سواء اتفقنا على حرفيتها في ذلك أم لم نتفق ونقبل ، حتى بدأت الملفات تتكاثر هنا وهناك  حتى ظهر ملف إيران النووي وملف اليمن وتعاظم الدور التركي في المنطقة العربية ، إضافة إلى الذبذبات الإسرائيلية التي تبث بين الحين والحين لتخلخل هواء المنطقة العربية ومحيطها .. وأمام كل هذه التطورات والمتغيرات ، يستمر المجلس في لقاءاته السنوية لكن دون بروز توجهات فاعلة واضحة إستراتيجية ، تكون كفيلة بوضع حد لهذا الارتجاج أو عدم الاستقرار وإن بدا ظاهرياً خلاف ما نقول .
  
                                     دعائم الاستقرار الأمني في الخليج

  إن حالة عدم الاستقرار هذه لابد أن تجعل قادة دول المجلس ومفكريه يطيلون النظر فيها وفي كيفية تحويلها إلى حالة مستقرة آمنة. وأحسب أنه لو لم يناقش قادة المجلس في قمتهم الحالية سوى هذا الملف ، فإنه يغني لأنه الأساس الذي تتم حلحلة بقية الملفات بناء عليه وكنتيجة طبيعية .. وبالطبع لن يكون بوسع عرب الخليج رؤساء ومرؤوسين تحقيق ذلك إلا بأمرين قد لا يكون لهما ثالث

أولا-    التوجه نحو طهران بالتي هي أحسن وأهمية مشاركة إيران في مسألة الحفاظ على أمن المنطقة  والتخفيف من تصلب المواقف معها لأن  هذا التصلب بكل تأكيد لن يفيد دول الخليج بقدر ما يفيد الولايات المتحدة ، لأنها ستضمن البقاء لأطول فترة ممكنة مستخدمة  ورقة التهديد الإيراني وتخويف دول المنطقة بها ، واحسب أن هذا هو الحاصل الآن ..


ثانيا-    قيام دول المجلس بتنويع وتوزيع مصالحها مع أكثر من قوة دولية ، وبالأخص تلك المرشحة  لأن تتحول مستقبلا إلى قوى دولية تنافس الولايات المتحدة في كثير من الأمور وتعيد العالم إلى أيام ثنائية أو حتى ثلاثية الأقطاب والحرب الباردة.. ولعل من أهم تلك الدول الصين ومن الممكن الهند وبعض دول المجموعة الأوروبية التي يتعارض كثير من مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة كفرنسا وألمانيا. ولا يمكن إغفال تركيا من الآن وصاعداً .

  الخليج بذلك يمكنه التخلص تدريجياً من مشكلة عدم الاستقرار الناتجة عن الوجود الأميركي فيها، وهذا لابد من الإقرار به ، والتحول الجاد إلى منطقة حيوية تهم العالم كله وليس الولايات المتحدة فقط، حتى إذا ما وقع طارئ فيها لا قدر الله ، تدافع الجميع لحمايتها والذود عنها انطلاقا من حماية مصالحها أولاً وأخيراً.

وأحسب أن مثل هذه الملفات لابد أن تحظى بأولوية قصوى في نقاشات القادة ، وليست الروتينيات وشوائك الملفات الداخلية التي تفرق أكثر مما تقرب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق