الأربعاء، 15 فبراير 2017

حاورهم بالحسنى


   ليس في اختلاف الآراء شيء يعيب، بل إن الأصل هو الاختلاف وهو الطبيعي أو هو المطلوب أن يكون في كثير من أمور حياتنا، بما فيها الدينية من تلك التي لم يأت نص صريح واضح بشأنها.. وما عدا ذلك فلا شيء أن نختلف، لأننا في الأساس مختلفون في الأهواء والأمزجة والعقليات.

  لكن مشكلة البعض في هذا الأمر، تجدها كامنة في فكرة قبول الرأي الآخر. تجده لا يستسيغ قبول الآخر بل ربما لا يتصور ذلك، والسبب في رأيي هو ضيق الصدر وقصر النظر. هذا إضافة إلى ثقافة الإلغاء أو الإقصاء التي يكون قد نشأ عليها أو تعلمها أو مر بها في تجربة حياتية قاسية، دفعته إلى إحياء وإعادة التجربة من جديد ولكن مع الغير، ليجد في التجربة نوعاً من التنفيس عما بنفسه، أو رغبة في إكمال عقدة نقص شديدة التأثير عليه، ربما يكون مبتلى بها، وبالتالي لا يجد طريقة مناسبة - حسب اعتقاده -  سوى تطبيق فكرة الإلغاء أو الإقصاء أو قهر المخالف، طريقة مناسبة للشعور بالارتياح، واستشعار قيمته أمام الغير!


  لا شك أن الإلغاء مرفوض في جدالنا الحياتي المتنوع، لكن الحوار هو الأداة الأسلم لتجنب كثير من المشكلات الناجمة عن ثقافة الإقصاء أو الإلغاء. ولهذا لابد لثقافة الحوار أن تسود مجتمعاتنا، انطلاقاً من دين رباني حنيـف يدعـو إلـى الجـدال بالتي هي أحســن، فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ، كأنه ولي حميم.

  إنها دعوة لتوسعة الآفاق والصدور، واستخدام التفاهم أسلوباً في التعامل بشكل عام، لأجل قبول الآخر، ليس لشيء سوى إظهار الحق لا غيره، ولأجل الوصول إلى حياة هادئة خالية من التوترات والمنغصات، التي أضحت وأمست تتكاثر كل حين حولنا، وإن هذا التفاهم أراه ليس إلا نوعاً من الحكمة، التي قلما تجدها في الناس. اليوم 

                                              إنها إذن دعوة للحكمة، التي هي ضالة المؤمن، أنّى وجدها أخذ بها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق