الأربعاء، 4 يناير 2017

أطفالنا والتاريخ


  تطرقنا سريعاً في المقال السابق، أطفالنا وحفظ القرآن ، إلى مادة التربية الإسلامية في الابتدائية، وطالبنا باستثمار قدرات الطفل في الحفظ، التي تبدأ من سن الثالثة حتى السادسة، ثم تقل تدريجياً، وأن يتم استثمار تلك القدرة في حفظ القرآن، والبدء بذلك منذ دخول الطفل إلى الروضة حتى الثالث الابتدائي، بحيث تقتصر مادة التربية الإسلامية على الحفظ ليس غيره.
  
  نواصل اليوم ضمن السياق نفسه، ولكن حول مادتي التاريخ والجغرافيا للمرحلة الابتدائية أيضاً. ذلك أن الملاحظ هو دسامة وكثافة المادتين بالنسبة لطلاب الابتدائي، وما يتطلب منهم الكثير من الحفظ دون فهم ووعي كاف للأحداث والأسماء والمصطلحات.
  
  طالب هذه المرحلة يكفيه من التاريخ أن يدرس السيرة النبوية الشريفة، بحيث تُقدم له بصورة واضحة مشوقة تكون أقرب إلى القصص، دون التلويح باختبارات وامتحانات، كيلا يدرس السيرة لأجل الاختبار، وإنما ليستمتع بها أولاً، فإن حدث ذلك وأحبها، فإنه ثانياً وتلقائياً يكون قد أحب خير الخلق محمداً – صلى الله عليه وسلم – وأحب بالتالي الاقتداء به.

  
  ليس هناك من داع لإغراق طالب الابتدائي بأي تاريخ سوى تاريخ نبيه عليه الصلاة والسلام، وحياته العامرة والحافلة بالأحداث.. حتى إذا ما بدأ المرحلة الإعدادية يتم خلالها التركيز على تاريخ الوطن بدرجة عميقة، وشيء يسير من تاريخ الخليج. ثم يتم التوسع معه في الثانوية، ليدرس تاريخ العالم العربي وبعض الأحداث العالمية وتاريخ الحضارات المتنوعة، فهو حينها يكون قد بلغ درجة من الادراك والاستيعاب كافية، ليتعرف على أحداث وشخصيات عربية وعالمية.
   
   الأمر نفسه يسري على مادة الجغرافيا. إذ ليس هناك من داع لإغراق طالب الابتدائي بكمٍ هائل من المعلومات الجغرافية، التي أحسبه لن يدركها ولن يعرفها وإن حفظها عن ظهر قلب. يكفيه أن يتعرف على بعض جغرافية بلده وبعض المحسوسات من حوله من طقس ومناخ البلد وما جاورها، ويمكن بعد ذلك التوسع في علم الجغرافيا أواخر الإعدادية أو بداية الثانوية.
   
  يكفي في وقتنا الحالي إعطاء الطالب بعض المفاتيح وكيفية الحصول على المعلومات، سواء التاريخية أو الجغرافية على حد سواء، بدل من الحشو والضغوطات التي تتسبب فيها المناهج الطويلة على المعلمين والطلاب، الأمر الذي يدعو، والحال هكذا، إلى إعادة التفكير في تصميم المناهج التعليمية في عصر المعلومات والاتصالات..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق