مما
يحكى عن الصحابي الكريم نعيم بن مسعود الغطفاني، أنه كان على صلة وصداقة مع يهود
بني قريظة في يثرب، ومشركي قريش في مكة. وقد كتب الله له أن يكون صاحب عمل إيجابي
رائع نادر، في مستقبل قريب. وسيذكر له التاريخ ذلك، ما بقي الناس يدرسونه.
كعادة اليهود في كل زمان ومكان، قام يهود بني
النضير بالتحريض على المسلمين، فتآمروا مع مشركي الجزيرة يحثونهم ويزينون لهم أمر
الحرب على النبي، وسهولة القضاء عليه هذه المرة.
خرج المشركون في عشرة آلاف مقاتل صوب المدينة،
يريدون الإبادة الشاملة للمسلمين. وكانت أولى المفاجآت.. خندق عظيم ما رأوا مثله
من ذي قبل، فأجبرهم على تعديل خططهم العسكرية القاضية بالهجوم المباغت، إلى حصار
طويل بكل سلبياته على المحاصر، مثلما على المحاصَرين.
في لحظة صفاء، جلس نعيم يتأمل الوضع ويدرس
الأحداث. وتساءل في حوار مع نفسه عن سبب مقاتلة المسلمين، وهم لم يؤذوه وقومه في
شيء، وإنما خرج مع قومه استجابة لطموحات قريش وأجندتها، ورغبة يهود بني النضير في
الانتقام من المسلمين.. شعر نعيم أنه في هذه المعركة إنما أداة
يستخدمها غيره لقضاء حاجاته، أو كالإمّعة، يسير مع الناس، إن أحسنوا أحسن، وإن
أساءوا أساء! فلم يعجبه هذا الأمر في تلك اللحظات الصافية، وقرر أن يغيره، فكان إسلامه،
لكن بهدوء ودون ضجيج.
ذهب من فوره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:" إن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت يا رسول
الله. قال:" إنما أنت فينا رجل واحد، فاخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة ".
فكانت القصة المشهورة، وكيف أوغر صدور بني قريظة على قريش، والعكس، ثم أخرج قومه
من المعادلة وانسحبت غطفان، حتى دب الخلاف بين المتحالفين أو الأحزاب، إلى أن جاء
أمر الله وجاءت ريح باردة شديدة، هزمتهم وأرجعتهم خائبين، فيما المسلمون صاروا
يرددون إلى يوم الناس هذا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز
جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو
كره الكافرون.
فهل نرى نعيماً بن مسعود جديدا، يشتت كلمة المتحالفين المتآمرين على أهالي
سوريا المستضعفين؟
أرجو الله ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق