الاثنين، 26 سبتمبر 2016

من يقتل نفسه بنفسه؟

  
هل هناك من يقتل نفسه بنفسه بسلاح أو بدون؟
 نعم، هناك الكثيرون. آخرهم وليس أخيرهم، كاتب صحفي أردني، أصيب برصاصات سبع قاتلة في وضح النهار، يوم الأحد (25 سبتمبر 2016) أمام مبنى محكمة قصر العدل وأمام الناس. مات على إثرها ولم تنفعه الإسعافات.

  ناهض حتّر قتل نفسه بنفسه وأعاد إلى الأذهان سيناريو الكاتب المصري فرج فودة. كلاهما تعمقا في نقد المخالف وأساء كل منهما استخدام سلاح القلم والتعبير، واصطدما بخطوط غاية في الحساسية والخطورة، هي خطوط الإساءة إلى معتقدات الغالبية من أفراد المجتمع.
  أن تكون ملحداً لا تعترف بإله ولا دين ولا شريعة، فأنت حر في ذلك ولكن مع نفسك وفي بيتك، افعل ما تشاء وقتما تشاء وقل ما تشاء، ولكن ليس أينما تشاء. إذ ما أن تخرج من بيتك إلى المجتمع، وتبدأ تنشط في نشر أفكارك ومعتقداتك علانية، وتعيب على معتقدات غالبية أهل البلد، وتتعمق في ذلك وتبدأ بالإساءة والتطاول والاستهزاء بالدين ومقدساته وأتباعه، فهذا أمر ليس من حقك مطلقاً أولاً، ولأنك ثانياً تكون قد دخلت منطقة بالغة الخطورة، وأنت المسؤول عن نتائج أقوالك.
ناهض حتّر                              فرج فودة
  أن تتعالى على الله سبحانه وتمس ذاته المقدسة، فهذا أمر بينك وبينه سبحانه، خاصة إن كان في سرك أو في محيط ضيق جداً، فهو أدرى بكيفية التعامل معك. إن شاء عذبك أو إن شاء غفر لك. هذه صفات الخالق، أما أن تجاهر ذلك أمام الخلق وتتحدى، فإن الأمر يختلف تماماً، إذ حينها ستتعامل مع مخلوقات لا تملك صفات الخالق، بل من أبرز صفاتها التسرع وتغييب العقل أحياناً. وكلنا يدرك نتائج ردود الأفعال التي ربما تكون كارثية، وهذا ما حدث للنموذجين أعلاه وغيرهما كثير.

  الأصل إذن فيمن يملك سلاح القلم والتعبير، أن يحترم الوسط الذي يعيش فيه، والثقافة السائدة بالمجتمع ودينه ومعتقداته. إن أردت التغيير، فبالحكمة والمجادلة الحسنة، وأن ما ينفع في مجتمع من أساليب للحوار مع المخالف، ليس بالضرورة أن ينفع في مجتمع آخر، وإن الإساءات إلى الدين والمقدسات ربما تمر مرور الكرام في مجتمعات لا دينية أو ليس للدين أهمية، أما أن يحدث التصادم والاستفزاز والتحريض والإساءة في وسط ديني، مهما كانت مظاهر هذا الوسط بعيدة عن الدين، فإنه كمن يقول للناس تعالوا اقتلوني !
وهذا هو ما حدث للكاتب تماماً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق