الأحد، 7 يونيو 2015

كيلا تتحطم القلوب الخيّـرة

  كثيرون في عالم " تويتر" ساءهم ما جرى من استغفالٍ لأصحاب القلوب الرحيمة الطيبة والمحبة للخير ، وقصة الفتاة سارة المصابة بالسرطان- عافاها الله وجميع مرضانا ومرضاكم - وكيف أنه تم استغلال مرض الفتاة الحقيقية التي لم يعرفها الناس إلا من خلال الصوت فقط ، ولكن بعض المجرمين ، استخدموا صورة لفتاة أخرى أجنبية تشابهت مع سارة في المرض - عافاها الله - لأجل استدرار العواطف وسرقة أموال التبرعات إلى آخر القصة ..


   في سبيل المال قد يبذل البعض كل وسيلة ممكنة ، مسترشدين بمبدأ ميكيافيللي الذي قال فيه بأن الغاية تبرر الوسيلة .. فالمقادير والاعتبارات والقيم مختلطة عند أولئك ، لا يخشون حراماً ولا يحترمون أخلاقا، وللأسف أن النوعيات هذه في تكاثر مستمر وفي مستويات مختلفة ، فالفكرة هي نفسها ، السرقة ، لا شيء غيرها .  

   

   بالمثل يمكن أن نطلق على نوع من العلاقات تقوم بين البشر ، يهدف أحدهما من بناء العلاقة إلى اعتبارها فرصة للتكسب وفي ذهنه مشروع استغلال مستقبلي قادم عما قريب، فلا تبدأ العلاقة إلا ويبدأ الطرف القبيح بالبدء في إجراءات الاستغلال من الطرف الطيب ، ويكون عادة على شكل طلبات خفيفة مغلفة بطبقة  من الحياء ، كي يشيع جواً من الشفقة والرأفة والرغبة في الخير ، فتنتهي الخطوة الأولى عادة بنجاح ، ثم تتبعها خطوات قادمة وإن كانت عادة لا تزيد عن ثانية وثالثة ، ذلك أن المستغل لا يرغب الاستمرار طويلاً لكي لا ينكشف ، بل يريد انهاء مهمته بضربة قاضية في الجولة الثانية أو الثالثة !!

   
   لك أن تتصور المشاهد والمآسي التي تحدث بعد الضربات القاضية .. إنها للأسف ربما تكون قاصمة للظهر أو ربما مانعة لنشر الخير بصدر رحب وطيبة نفس .. وربما دفعت البعض إلى التأني والتريث حين يسمعون قوله تعالى:" .. وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا .. " يقولون لك: لن نتعارف سريعاً وفي أذهانهم مشاهد مؤلمة سابقة !  نعم ، هناك استغلال بشع للقلوب الطيبة المحبة للخير، يقوم بها البعض على شكل بناء علاقات مع الطيبين ، لا لأجل علاقة أخوية في الله ، بل لتكون العلاقة جسراً لاستغلال قريب قادم .. وهذا ما يدعونا الى التساؤلأليس لمثل هذه الأفعال غير الإنسانية حدود؟ ألا يجب وضع حد لهذا الاستغلال البشع أو لمثل هذه العلاقات غير الإنسانية، إن صح وجاز لنا التعبير؟ نعم ، أجد أهمية وضرورة بالغة لايجاد حد معين ووقف لذاك الانتهاز والاستغلال البشع لطيبة القلوب.
   

  حاول أن تتذكر كم مرة حاول البعض استغلال طيبتك أو كرمك معه؟ من المؤكد أنك ستجد البعض، وتتذكر على الفور وتتأسف لما بدر منهم، الذين تسببوا في أن تتغير مشاعرك الطيبة بعض الشيء بحيث لا ترجع إلى سابق عهدك،  ذاك الطيب أو الكريم مع الجميع، حتى لو كان هناك من يستحق كرمك وطيبتك فعلاً ، لماذا ؟ لأن تجربتك السابقة أو بسبب تجارب استغلالية سابقة صرت تخشى تكرارها ، فتمانع بعض الشيء حتى مع الصادقين ، بل ربما وجدت نفسك صرت أصعب من ذي قبل، وهذا في حد ذاته مثلما أنه يريحك ويبعدك عن الاستغلال ، إلا أنه يتعبك نفسياً؛ لأنك في الأصل صاحب طينة وفطرة طيبة.. تحب أن تعين وتُعان، ولكن الظروف تجبرك حيناً على ضبط تلك الرغبة الطيبة بداخلك، فتتكون عندك طيبة مغلفة بحذر شديد، خشية الاستغلال والانتهاز، وهذا ربما يفسر لماذا يحجم البعض عن التبرع الفوري لوجوه الخير ، فالثقة اهتزت وتحتاج فترة ليست بالقصيرة لكي تعود إلى سابق عهدها ..

   

 زبدة الحديث هي أن المسألة رغم كل تلك السلبيات ، تحتاج إلى بعض التوازن، وهذا في حد ذاته أجده من التحديات الصعبة في الحياة، ولكن أحسب أنك على قدر التحدي، ذلك أن المؤمن كيّسٌ فَطِن، يدرك الخير من الشر، والصالح من الطالح، ويعتبر من أخطائه ، والحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق