الثلاثاء، 26 مايو 2015

وسحروا أعين الناس

   بعد أن جاء أهل المهارة والإبداع والخبرة في صنعة اشتهرت بها مصر أيام الفراعنة ، وهي السحر ، ووقفوا أمام الذي قال لهم يوماً :" .. مالكم من إله غيري "، في استفسار وتعجب حين بدأ الناس يستمعون إلى موسى وهو يتحدث عن إله في السماء ..

   وقف السحرة أمام مدعي الألوهية وقد غرته جريان الأنهار في بلده وقد تساءل " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ".. وقفوا أمامه يسألونه مقدماً عن مكافآتهم وأتعابهم بعد أن يهزموا موسى ، سواء كانوا قد اعترفوا بألوهيته المزعومة أم لا ، وإن كنتُ أحسب أنهم كانوا غير مترددين من دواخلهم أنهم أمام حاكم متجبّر كذاب ، لكن ما المشكلة إن كانوا مستفيدين من غبائه ؟ أو هكذا كانوا .


  يأتي اليوم الموعود والمنتظر كما يحكي القرآن :" فلما جاء السحرة قالوا لفرعون : أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين؟ قال : نعم ، وإنكم إذن لم المقربين ." وهكذا – كما يقول سيد قطب في ظلال القرآن :" ينكشف الموقف عن جماعة مأجورة يستعين بها فرعون الطاغية؛ تبذل مهارتها في مقابل الأجر الذي تنتظره؛ ولا علاقة لها بعقيدة ولا صلة لها بقضية ، ولا شيء سوى الأجر والمصلحة . وهؤلاء هم الذين يستخدمهم الطغاة دائماً في كل مكان وفي كل زمان .وها هم أولاء يستوثقون من الجزاء على تعبهم ولعبهم وبراعتهم في الخداع . وها هو ذا فرعون يعدهم بما هو أكثر من الأجر. يعدهم أن يكونوا من المقربين إليه ، وهو بزعمه الملك والإله ! ثم إذا مشهد المباراة الكبرى وأحداثه الجسام  :قال لهم موسى: ألقوا ما أنتم ملقون . فألقوا حبالهم وعصيهم ، وقالوا: بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون: فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون ، فألقي السحرةُ ساجدين"..  


   في مشهد لم يستغرق سوى دقائق معدودة ، انقلب السحر على الساحر أولاً ، وأقصد الساحر الأعظم ها هنا فرعون ، وانقلب ثانياً في الوقت ذاته ، أهل الصنعة والاحتراف والمهارة ، ولكن ليس كانقلاب فرعون ، بل كان انقلاب خير وانقاذاً للنفس قبل أن تأتيهم صاعقة من السماء تأخذهم ، وتتعقد بعدها مصائرهم يوم القيامة ، ويدخل أحدهم ضمن قائمة العضاضين النادمين :" ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا .. إلى آخر الآية. فهل انتهى الموضوع هنا ؟ لا لم ينته بعد، فللحديث بقية ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق