الجواذب
من حولنا اليوم والتي تأخذ الاهتمام والوقت معاً ، كثيرة ، وهي تزيد ولا تقل ،
وخاصة مع سرعة وتيرة الحياة .. خذ مثالاً على ذلك عالم الإنترنت وما فيه من مسالك
ومتاهات ، أو عالم السيارات بالنسبة للشباب ، أو عالم الزينة والجمال للبنات
والنساء ، أو عالم الفراغ وما يحدث للناس مما لا يتوقعونه أو يرغبونه ، أو عالم
المال والتجارة أو السفر ، أو التنافس على الكراسي والمناصب وغيرها كثير كثير..
كل تلك الجواذب
عمرها قصير مهما بدت قوية ومؤثرة.. وكلها إلى زوال ولا شك في ذلك.. لكن كم منا من يتفهم تلك
الحقائق أو يتبصر فيها ويتأملها ؟ كم واحد منا يستشعر قصر أعمار تلك الجواذب وأنها لن تبقى معنا،
وبالتالي يُعد نفسه لكي لا يطيل الأمل معها؟
كم منا من تأمل وتوصل الى أن ما سيبقى لأحدنا ، لن تكون من تلك الجواذب
المادية منها أو الافتراضية ، بل تلك المتكونة من دم ولحم وعصب وعظم .. لتتشكل في
النهاية لتكون إنساناً لا غيره..
نظراً لأهمية هذه الحقيقة التي يغفلها الكثيرون
أو يتغافلونها ، تأتي مسألة اختيار الصاحب والصديق من المسائل العظيمة في حياة كل
منا. هي مسألة لا بد أن نوليها جل الاهتمام والرعاية..
إذ حين تلوح في الأفق مؤشرات على قرب ظهور ذاك الصاحب المرغوب، لا بد حينها أن
نعمل على تهيئة كل ما يمكن أن يوثق العرى ، ويعزز العلاقة معه إلى درجة العض
بالنواجذ على العلاقة وعدم التفريط بها، لأنها إن بدأت بشكل صحيح فستبقى إلى
النهاية، بل إنها التي تبقى للإنسان حين تذهب عنه كل ما كانت تجذبه إليها أو هو
ينجذب إليها من تلك التي ذكرناها آنفاً..
ليكن لك صديقاً صدوقاً صادق الوعد ، ولو كان وحيداً ، ولا يمنع أن تزيد الى
اثنين أو ثلاثة ولكن لا تبالغ ، فإن كنت اجتماعياً محباً للتعرف الى الآخرين ،
يمكنك أن تزيد من معارفك لا أصدقائك ، فالنوعية الأولى سهل جمعها ، فيما الثانية
أصعب مما تتصور ..
اجلس مع نفسك وابدأ في حصر معارفك وأصدقائك ، وابدأ بعصف ذهني تفرزهم على
إثره ، فإن ظهر لك أصدقاء ، وسيكونون قلة لا شك ، احرص عليهم ، ولا يمنع تصنيفهم ،
لتصل الى الصديق الصدوق أو الصديق رقم واحد ، أو الثلاثة الأوائل في قائمة
الأصدقاء والمعارف .. احرص عليهم وعض عليهم بالنواجذ ، فإنهم كنوز لا يجب التفريط
بهم .. أو هكذا الحكمة تقتضي ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق