الجمعة، 17 يناير 2014

ما أريكم إلا ما أرى ..

    

    المستفيدون من فرعون وكذلك الخائفون ، وافقوا أهواء ورغبات فرعون على الفور ، وساندوه واتفقوا أيضاً على ما يراه في موسى عليه السلام وانه ساحر ولا يريد الخير بالبلاد ولا العباد .. لكن رغم كل هذا الظلم وفي مثل تلك الأجواء، يظهر صوت الحق بصورة وأخرى :" قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين ".

   ظني أن فرعون لم يكن يتمنى سماع مثل هذا الاقتراح ، وحين عرض أمر موسى عليه السلام على من حوله، ظن أن الجميع سيتوافقون معه في الهوى والرغبة ، ويطالبون بالحل الناجع عبر التخلص منه بالسجن أو الاعتقال أو النفي أو الأكثر حسماً هو القتل .. لكن الديمقراطية أحياناً تـزعج ، فكان لابد ، وحتى لا يُحرج نفسه وأنه يناقض قراراته ، أن يوافق على المقترح ..

  ثم حدث ما حدث يوم الزينة ، حين كانت الألوف من الشعب تنتظر أن ينتصر فرعون ليهتفوا بحياته وعزته ، لكنهم وفرعون ومن معه ، يرون مشهداً ما خطر على قلوبهم ولم يعدوا له حسابه .. لقد تحول السحرة المجرمين المعادين لموسى ودعوته ، إلى أتباع له في غضون دقائق ، لا يعبدون إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره فرعون ومن معه ..   

  حينها انقلب فرعون على الديمقراطية من هول وشدة ما يرى ، فحسم الأمر وقال :" ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " .. وتعمق في الظلم والضلالة ، وأمر بقتل السحرة وأشاع الفوضى والرعب بين الناس حيناً من الدهر لم يدم طويلاً ، حتى جاء أمر الله وغـرق فرعون ومن معه في اليم ، وغرقت أحلامهم وأفكارهم معهم، وانتصر الحق نهاية الأمر ، كما هي قوانين هذه الحياة، حيث الحق لابد أن يسود وإن طال الزمن .