الأربعاء، 17 أبريل 2013

انفجارات بوسطن .. تويتر يكتسح الصحف والفضائيات


  
   
   يثبت موقع «تويتر» كل يوم أنه أداة إعلامية عندها من الإمكانيات ما يمكن بها منافسة أو تجاوز جميع وسائل الاتصال الأخرى المعروفة، بدءاً من البريد العادي، ومروراً بالراديو والفضائيات.. ولعل أحداث مدينة بوسطن قبل يومين ( 16/4/2013) دليل جديد وإثبات على واقعية ما نتحدث عنه في هذا المقال .

   مراسل رياضي لأحد المواقع الأميركية الشهيرة كان في مهمته الصحفية لتغطية حدث الماراثون الكبير، الذي كان مقاماً في مدينة بوسطن أمس الأول الاثنين، وتصادف وجوده عند خط النهاية، وهو يصور مشهد عبور الفائزين الخط النهائي للسباق، وقوع الانفجار، وكان قريباً من الموقع، فاستمر في التصوير ولم يتوقف، ولكن بكل تأكيد زاوية هاتفه الجوال لم تصور المتسابقين، بل المتساقطين جراء الانفجار! وما هي إلا دقائق معدودة حتى نشر الخبر على حسابه في «تويتر»، قبل أن يبعث بتقريره لجهة عمله، وقبل أن تتنادى الفضائيات وتبعث طواقمها الفنية إلى الموقع.


  حين وصلت طواقم الفضائيات المختلفة، الأميركية والأجنبية إلى موقع الانفجار، كان «تويتر» يعج بآلاف التغريدات من قبل الموجودين في موقع السباق، سواء كانوا من الجمهور المتفرج أم الصحافيين والمراسلين أم أصحاب المحلات التجارية والعاملين بالفنادق القريبة وغيرهم.. كل واحد منهم نقل لمتابعيه ما يرى ويسمع ويشعر به.. وعرف العالم ما يجري في بوسطن في تلك الساعة، قبل «سي. أن. أن» التي كانت يوماً ما مصدر الملايين من البشر هنا وهناك لمعرفة ما يجري في أي بقعة بالعالم. 

   بعد أن تحول «التايم لاين» لكثيرين في «تويتر» ليلة الحادث ، إلى أخبار متحركة متنوعة كادت أن تكون الغالبية العظمى منها حول أحداث بوسطن، بدأنا بالتحول والاتجاه نحو التلفزيونات لنشاهد ما تنقله الفضائيات، ليس من أخبار، فقد شبعنا منها، وبدت حاجاتنا في تلكم الساعات إلى إضافات أخرى على الحدث، وتمثلت في رؤية ومعايشة مشاهد حية من أرض الحدث.


   أغلبنا حين تحول للتلفزيونات تلك الليلة، ربما كان يشاهد ويركز في الصور والأحداث أكثر من أن ينتبه إلى المعلقين والمحللين «الإكسبرس» أو المذيعين، وهذا يؤكد إلى أنه ربما يتعين على الفضائيات في هذا الجانب، وأقصد نشر الأخبار عن حدث ما، ربما عليها أن تتحول إلى ناقلة للمشاهد الحية المرئية، فهي ما زالت متفوقة في هذا الجانب بكثير عن أي وسيلة اتصال أخرى موجودة على الإنترنت، من ناحية الدقة والجودة والسرعة، وعليها أن تسعى لتعزيز هذا التفوق، لتبقى في دائرة التنافس والاهتمام، لا أن تنافس «تويتر» في من سيكون الأسرع لنقل الخبر..

    قناة « العربية » ومحاولتها التنافس في هذا المجال، أوقعتها في ورطة ضربت مصداقيتها بصورة وأخرى، حين نشرت خبراً عاجلاً بأنه قد تم القبض على مشتبه به وكان سعودياً، الأمر الذي أثار الكثيرين بعد أن انتشر خبرها في « تويتر»  واكتشفت العربية بعد قليل من الوقت عدم صحة الخبر، ونشرته بنفسها، وكأنما تكذب نفسها بنفسها ، وبشكل سيؤثر على مصداقيتها ، وأرجو أنها تفهمت الوضع والواقع.. هذه نقطة أولى.

    النقطة الثانية في سياق الحديث عن سرعة نقل وتغطية الأخبار، تتعلق بالصحف الورقية، إذ لكي تبقى في دائرة الاهتمام وبعض التنافس في هذا الواقع الجديد للإعلام، عليها أن تقوم بتعزيز الجانب الذي ما زال بإمكانها التفوق على الفضائيات وكذلك «تويتر» وغيرهما، ويتمثل في التحليل والتعليق، بعد أن تتوفر لها الكثير من المعطيات والمعلومات والوقت أيضاً، وهذا عامل مهم وحاسم، لا أن تسود وتلون صفحاتها بصور وأخبار تكون في حكم الماضي – البعيد - بمقاييس العصر، فتكون موادها بلا طعم أو نكهة.. فماذا يستفيد المطالع للصحيفة وهو يقرأ أخباراً يكون قد سمعها عشرات المرات، وشاهد المئات من الصور الحية بالمثل؟ 

    قارئ الصحيفة في اليوم التالي من الحدث، يكون مشبعاً بالأخبار والكثير من التفاصيل عنه، وهو بحاجة إلى من له القدرة على ربط كل أو غالبية تلك التفاصيل ببعضها، على شكل تقرير أو تحليل أو رأي موزون، يكمل النقص الموجود، وبالضرورة عند كثيرين حول الحدث، وخلفياته وتداعياته وغيرها من نتائج.

   الصحف الورقية بإمكانها البقاء في الساحة عبر الانفراد بالرأي والتحليل الدقيق لأي حدث، وعندها من الوقت الكثير لذلك، عكس الفضائيات أو غيرها من وسائل التواصل.. أما أن تكتب أخباراً للتوثيق والتاريخ، أو تنشر صوراً تكون قد ظهرت بعدها عشرات من الصور الجديدة والمحدثة، فهي إنما تنهي وجودها بيديها، ويكون وجودها مرتهناً بطريقة تفكير المعلنين التجاريين، الذين ما زال كثيرون منهم لم يصلوا بعد إلى القناعة التامة بالإعلان في وسائل التواصل الأخرى على الإنترنت..

   لكن حين تكتمل قناعاتهم، سيبحثون عن الوسائط الأفضل والأسرع والأكثر حيوية لترويج منتجاتهم، وبالطبع ستكون شبكة الإنترنت من خلال الوسائل المتخذة للشبكة وسيطاً للوصول للجماهير، هي المسيطرة على سوق الإعلان، وساعتها ستكون قد حانت ساعة توقف الحياة وبشكل كبير عن الصحف الورقية.. فهكذا هي دورة الحياة، ولادة فشباب ثم كهولة، حتى تصل إلى شيخوخة فعجز ثم موت وفناء.


**************************************************************


هكذا قد يتحول الواحد منا الى ما
يشبه وكالة أنباء متحركة  

مشهد من قلب الحدث يصوره أحد الحاضرين قبل الفضائيات