الأحد، 27 مايو 2012

مصر حتى تستقر : ليس بعد مرسي من سبيل


  الثورة المصرية على وشك أن تخرج عن السيطرة لتجد نفسها بعد حين من الدهر قليل ، أنها في بداية يناير عام 2011 !! أي أنها كما لو تبدأ من جديد رغم كل الأحداث  والدماء والشهداء.. فماذا يجري ؟ 

  الانتخابات حتى الآن وقبل الإعلان الرسمي للنتائج أظهرت أن جماعة الإخوان المسلمين رغم كل الضغط والقمع السابق، جماعة منظمة عندها من الإمكانيات أن تكسب أي سباق جماهيري ، وهذا كان متوقعاً وهو ما يُفسره بعض المراقبين بأن تذليل العقبات أمام الفريق شفيق لدخول سباق الرئاسة ، ليس لشيء سوى أنه الأٌقدر على منافسة الإخوان وتعطيلهم بعض الشيء .

   ليس المهم ما حصل بقدر ما يهم الآن كيف ستنتهي جولة الإعادة ، والتي بدأ الاستعداد لها حامياً ساخناً والنتائج لم تُعلن بعد .. إذ الملاحظ خلال الأيام الفائتة هو محاولة إظهار الدكتور مرسي كما لو أنه شفيق آخر ، وأن الشعب المصري بين نارين ، إما عودة وإنتاج النظام السابق بشكل جديد عبر شفيق إن فاز ، أو الدخول في متاهات حكم إسلامي ظلامي إن فاز مرسي أو جماعة الإخوان بالرئاسة !!

  أرى في البداية أن وصف الإخوان بصورة أناس ظلاميين يحملون بصدورهم غلاً وحقداً ينتظرون الفرصة المناسبة لإخراجه ، وأنهم لا يختلفون عن الفلول أو بقايا الحزب الوطني ، هو ظلم واضح بيّن ، إن أردنا أن نكون موضوعيين منصفين . إذ كيف يتم مقارنة الجلاد بالضحية ؟ كانت الجماعة ضحية من ضحايا النظام السابق ، وعانت ما عانت من ظلم وكبت وقهر شأنها شأن بقية الشعب المصري ، فكيف يمكن أن تحكم البلاد والعباد بعقلية القهر والقتل وانتهاك الحرمات ؟  لا يمكن أن يحدث ..

   نعم هناك خشية وتخوف من الكثيرين لأنهم لم يروا نموذجاً لحكم ما يمكن أن نسميه إسلامي ، سوى في نموذجين ، طالبان في أفغانستان ، وحكم الملالي في إيران . وطبيعي أن كلا النموذجين لا يتوافقان مطلقاً مع العالم العربي ، وبالتالي حين يتصدر أي حزب إسلامي ليمسك بزمام الأمور ، تظهر على السطح تلك الخشية من إمكانية أن يكون هذا الحزب نموذج مكرر للنموذجين أعلاه .

  أن يصل مرشح الإخوان ليتصدر القائمة بنسبة 26% من الأصوات مقابل شفيق 23% ، مؤشر أن للجماعة قبول بالمجتمع المصري وإن صدر من بعض أعضائها هنا وهناك ما يمكن تفسيره بالتشدد وغيرها مما يخشاه البعض المتردد .. فمهما تكن من سيئات وأخطاء ، فلا يمكن أن تصل للكم الهائل من المصائب التي ارتكبها الحزب الوطني طيلة عقود ثلاثة .


  وصول شفيق كمنافس للدكتور مرسي يعتبره كثيرون أمر مسيء للثورة نفسها وتضحيات شبابها ، وهو من كان يدير الدولة يوم أن وقعت حادثة الجمل الشهيرة التي كانت قاصمة ظهر مبارك وحزبه ..

   التردد الذي أظهره حوالي عشرين مليوناً من المسجلين في الانتخابات وتقاعسوا عن التصويت ، أمر لا بد من تحليله وفهمه ، أضف إلى أن الملايين الأخرى التي صوتت لصالح شفيق ، أمرهم مريب ومثير ! فكيف تناست الأحداث سريعاً ولم تمض بعد سنة عليها ؟ لابد أن في الأمر ما يدعوا للبحث والتحليل .

  ظني وأنا كمراقب مهتم بالشأن المصري ، أن إطالة التفكير أو التردد في الاختيار بين مرسي وشفيق ، من شأنه إطالة أمد عدم الاستقرار في البلاد ، ثم إن اختيار مرسي سيدفعه دفعاً الاستعانة بآخرين على شكل ائتلاف وطني ويختار نواباً من الأحزاب والتوجهات المختلفة ، وظني أن بعض الأخطاء التي وقعت من الحزب في البرلمان ستكون دروساً حقيقية سيعمل الحزب على مناقشته وتحليله والاستفادة منه.

   أما المآخذ على الحزب التي ما زال البعض يرددها مثل الرغبة في الاستئثار على كل البلاد ، فهي مرحلة وسريعاً ما تنقضي ويتم تجاوزها وعدم تكرارها ، فهي لا تخرج عن اجتهادات من الجماعة ، ربما رأى البعض أنها غير صحيحة فيما آخرون عكس ذلك ، ولكن العبرة قد تم الأخذ بها ، وهي أن مصر مهما كانت متدينة ، فهي لم تصل بعد لمرحلة التنظيم والتأسيس التي عليها جماعة الإخوان ، أو أن الكل يرى ما يرى الإخوان ، إضافة إلى أن الجميع بدأ يدرك أن مصر لم تعد كما كانت قبل 2011.. فالمليونيات وميدان التحرير ، جاهزة للاستخدام في أي وقت ، وهو ما يدركه أي رئيس قادم  .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق