الجمعة، 14 أكتوبر 2011

ليقطر لسانك عسلاً ..


   قصة أعجبتني كثيراً ولا أتردد في الاستشهاد بها حين يكون الحديث حول الكلمة وأثرها في النفس.. فقد قالوا بأن رجلاً أعمى جلس وقد وضع قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها: "أنا أعمى أرجوكم ساعدوني". فمر رجل متخصص في فن الإعلانات ورأى الأعمى ووجد أن قبعته لا تحوي سوى قروش قليلة فوضع له قروشاً أخرى.

   في مرة أخرى ودون أن يستأذن الأعمى أخذ الرجل المتخصص في فن الإعلان لوحة الأعمى وكتب عليها عبارة جديدة وأعادها مكانها ومضى في طريقه.. لاحظ الأعمى أن قبعته قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية على غير المعتاد، فشعر بأن شيئاً قد تغير، فسأل أحد المارة عما هو مكتوب على اللوحة، فلعله كُتب شيء جديد دون أن يتنبه، فكانت العبارة الآتية: "نحن في فصل الربيع لكنني لا أستطيع رؤية جماله".

   لاحظ كيف للكلمة تأثير السحر في النفس. إن عبارات الاستجداء والاسترحام مكررة ومعروفة من الضعيف أو الفقير والمسكين، وصارت لا تؤثر بالشكل المرغوب في الناس. لكن ما إن جاء رجل الإعلانات والمتخصص في اختيار الكلمات والألفاظ المناسبة لمثل ذاك الموقف، تغير الوضع وانفتحت أبواب الخير على الأعمى الفقير..


   لهذا صار الإعلان اليوم فناً وذوقاً، وليس مهنة عادية يدخلها من شاء أو يمتهنها من لا مهنة له. القصة أفضت بي إلى موضوع حياتي مهم ومؤثر يمر به جميعنا، وهو كيفية اختيار الكلمات ذات الإيحاءات الإيجابية والكلمات الفاعلة أو الدافعة إلى الإنتاج والإبداع، بدلاً من ترديد كلمات لها وقع سلبي على نفس قائلها قبل سامعها.

   أي الكلمات أفضل في نظرك أن تقول لمن تحادثه أو تفضفض إليه، أن تقول له مثلاً: شؤوني أو مشاكلي؟ هل تقول لرئيسك في العمل: لا أقدر الاستمرار بهذا العمل لأنه صعب، أو تقول: المحاولة غير ناجحة وسأعيد الكرة مرة أخرى؟ هل تقول عن إنسان: هذا شخص غبي أم تقول: إنه حاول ولم يصل إلى حل؟ هل تحب أن يقال عنك أنك إنسان لا تجيد التعبير أم أنك إنسان تخونك العبارة؟


   لاحظ أنه كلما رددت عبارات إيجابية أو لها دلالات توحي إلى ذلك، كلما تأثرت نفسك بها إيجابياً، وتغيرت نظرتك للأمور وقدرت أن تفهم الأشياء والوقائع بأفق أوسع ونظرة أبعد والإحاطة الشاملة بالشيء، فيما العكس صحيح لا شك فيه.

   من هنا أرى أن علينا الابتعاد قدر المستطاع من ترديد عبارات أو كلمات سلبية لها معان ذات تأثير غير إيجابي على نفوسنا قبل الآخرين، لأن عقولنا اللاواعية تستقبل تلك الكلمات على أنها حقائق ثم تعمل على ترسيخها في النفس، فتكون سلوكياتنا نتائج لتلك العبارات والكلمات.. جرب وانظر ماذا ترى؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق