الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

كن عاقل أي موقف ..


   المواقف الحياتية التي نعايشها بصورة وأخرى تجدنا واقعيين في بعضها، وأخرى نخرج عن المألوف، لكن ثالثة المواقف لا يمكن تبرير تصرفاتنا فيها ولا يمكن قبولها البتة! فكلنا يتذكر مواقف مر بها في حياته يتمنى لو يعود به الزمن للوراء لكي يتصرف وفق العقل في تلك المواقف. لماذا؟ لأن أغلبنا تصرف أحياناً في بعضها بشكل غاب العقل عنها أو كان مغيباً فيها تماما، ونتجت عنها أمور لم تكن محبذة ولا سارة، وبقيت مع المرء لسنوات طوال، لا يكتفي بتذكرها فحسب بل يتجرع مرارتها كلما تذكرها.


   ما أريد التنويه إليه هو أن المواقف الحياتية متنوعة وكثيرة في حياة كلٍّ منا، سواء تلك التي في بيته مع أهله مثل والده ووالدته، أو أخته وأخيه، أو زوجته وبنيه، أو خدمه والعاملين معه في البيت، أو أقربائه وجيرانه.. أو تلك المواقف في العمل مع رؤسائه أو مرؤوسيه أو مواقف أخرى في المجتمع بشكل عام.


   أما المواقف التي تنتهي بشكل صحيح ويكون التعامل مع مفرداتها متوافقاً مع المنطق والعقل، فهذه لا نتحدث عنها وإنما ندعمها ونطالب بها ونعززها. لكن حديثنا عن تلك المواقف التي يغيب العقل فيها، وتختلط الأمور ببعض، فلا ترى حينها سوى نفسك وأنك الصواب ذاته أو على الحق المبين فقط، ولا أثر لآخرين حولك، وكأنه ليس لهم الحق أن يكونوا هم على الصواب أيضاً أو أن يكون الحق المبين إلى جانبهم.. 


   قد تتذكر مواقف عشتها مع آخرين وأنت تقرأ هذه الكلمات، وكيف أن كل واحد منكم حاول أن يظهر الآخر أنه المخطئ وأن الحق كان إلى جانبه هو فقط، فارتفعت على إثر ذلك الأصوات، وسخنت الأجواء وهش وبش الشيطان حينذاك، ونفخ في العروق وزادها توتراً إلى ما كان عليه الجو من توتر وفرط الأعصاب أصلاً.. 


   في مثل تلك الأجواء والمواقف التي تتكرر دوما، أقول إنه لا بد أن يكون هناك دائماً عاقل أو كبير.. بمعنى أن الأمر لو استمر بين الطرفين، كل يحاول فرض رأيه بقوة الساعد والصوت وأحياناً السلاح، من دون أن يقف أحدهم برهة ويتفكر في العواقب، ويحاول أن يكون هو ذاك العاقل المأمول أو ذاك الكبير، فلن تكون النتائج عادة محمودة.


   ومن هنا علينا أن نضع في الاعتبار مثل تلك الأمور في أي موقف حياتي مستقبلي. أي إن وقع أحدنا في مواقف صعبة مع آخرين ويكاد الحق أن يضيع، وبالتالي إمكانية أن يترتب على ذلك نتائج سيئة، فليبادر على الفور ويتماسك قبل الآخر المخالف، لأن يكون هو كبير الموقف وعاقله، ويظفر بشرف الحصول على سيادة الموقف بالعقل والاتزان، قبل أن يكون ذلك الشرف لغيره. 


   الأمر ليس بالسهولة التي نتحدث عنها ونتفنن في التنظير لها، ولكن لا أجد الأمر مستحيلا.. فقط فكِّر في الأمر قليلاً، لأنه بالفعل يستحق التأمل والتدبر، ولتكن أنت من الآن وصاعداً عاقل أي موقف وكبيره، خاصة أن المواقف لا تنتهي كما نلاحظ وتلاحظون جميعاً.. فهل نبادر ونترفع ونعانق السماء؟ لا شيء يمنع بل أرجو ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق