الأربعاء، 13 يوليو 2011

لنبني مصنعنا كيفـما شئنا ..

  جاء العالم الأميركي أديسون ذات يوم إلى مصنعه وإذا بأحد العاملين معه يركض نحوه ليخبره بأن النيران أتت على مصنعهم.. توقف أديسون لبرهة ثم قال له: وأخيراً جاءت الفرصة المناسبة لنبني مصنعنا بالشكل الذي نريده!

   قد يقول قائل إن أديسون ربما تصرف مع الموقف لتمتعه بروح التفاؤل، أو قائل يرى أنه كان يتمتع برباطة جأش فلم يجزع كي لا ينقل روح الجزع إلى من معه فيصيبهم الإحباط أو غير ذلك من تفسيرات..
 
   أديسون كان ينظر للأمور بمنظار آخر غير ما ينظر إليه من معه. إنه حين قرر أن يتخذ مكانا ليقيم مصنعه، كان بدون خيارات، فاضطر أن يتخذ من المكان الذي احترق موقعا لمصنعه، وتصرف أو تعامل مع واقع رسمه مهندس معماري بنى المكان لغرض آخر ليس من ضمنه بكل تأكيد مصنع أديسون.. 

   لم يكن من المنطق أن يقوم أديسون بالتصرف في المكان وفق ما يحتاجه لأنه في نهاية الأمر لا يملكه، وقد يطلب منه صاحب العقار إخلاءه في أي وقت، فيكون تعديله وإعادة تصميمه هدر للمال والوقت. فمضى يعمل وفي ذهنه الوقت المناسب الذي ستأتي معه الفرصة المناسبة أيضاً.

   كان احتراق المبنى هو ذاك الوقت الذي انتظره، ولكن بالتأكيد لم يكن ليتمنى الحريق، ولكن بما أنه قد وقع فإن الفرصة جاءته، ولن يقف أمامه أو يعترض أحد على فكرة بناء مصنع جديد، ولكن هذه المرة وفق ما يراه أديسون. ولو كان قد فكر في بناء مصنع قبل الحريق فإن الاعتراضات كانت ستكون شديدة وكبيرة. 

   أي أمر يحدث لك فلا بد أنه يحمل الشر والخير معاً، وليست المسألة في محتوى ذاك الأمر بقدر ما هي كامنة في كيفية التمييز بين الخير والشر. نحن أمام أي مشكلة نجزع ولا نرى مما حولنا سوى كل ما هو سيئ وخبيث وأسود، وتضيق الدنيا بما رحبت. لكن لو هدأنا بعض الشيء خاصة وقت الأزمات والملمات، وعملنا الفكر فيما حدث فإنه من المؤكد سنجد خيراً أو نوراً في جانب من الجوانب. 

    المسألة بطبيعة الحال ليست سهلة كسهولة التنظير أو الكتابة فيها وحولها، ولكنها تحتاج منا إلى القراءة فيها والاستفادة من خبرات أهل التجربة، ومحاولة استرجاع أي أمر قد وقع لنا ودراسته واستكشاف جوانب الخير والشر فيه بمعية آخرين وأهل الخبرة. ولو فعلنا ذلك لوجدنا الآية الكريمة على الفور متجسدة أمامنا..

(وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق