الخميس، 24 مارس 2011

من يخدع من ؟


  من دروس ميكيافيللي الشهيرة في كتابه «الأمير» أنه إن رأيت من يخدعك ويحتال عليك ويخفي عنك الحقائق، فلا تتردد أن تقوم بالفعل نفسه معه أيضاً, وتتعامل معه بنفس المنطق، إلى أن يكتشف هو بنفسه الأمر, وحينها سيتوقف على الفور، ولن يستمر في الخداع والاحتيال وإخفاء الحقائق مرة أخرى.
  
    لو أن كل أفراد المجتمع اتبعوا  المبدأ نفسه، فلن يكون هناك غش أو احتيال بالمجتمع، لأنه لن يكون هناك من يمكن خداعه أو الاحتيال عليه وإخفاء الحقائق عنه، وهذا المعنى مبدأ من مبادئ ميكيافيللي، الذي عرفه الناس من مبدأه الأشهر وهو أن الغاية تبرر الوسيلة.. لكن الإشكالية في مسألة إخفاء الحقائق تكون كبيرة لو شاعت بين أصحاب القرار في أي مجال، والمشكلة أكبر وأعظم لو الأحزاب الحاكمة أو الحكومات بشكل عام، اعتنقت ذلك المبدأ!.
    
    الأزمة الحاصلة الآن في كثير من الدول أو المؤسسات هي ضياع الثقة بين الحاكم والمحكوم، الرئيس والمرؤوس، المدير والموظف، الأب وأبنائه، الرجل وزوجته وهلم جرا.. لماذا الثقة ضائعة أو لماذا ضاعت أو يراد لها أن تضيع؟ فلأن كل طرف يحاول أن يخفي حقائق الأمور عن الآخر  لسبب او جملة أسباب عنده  ويحاول جهده خداع الطرف الثاني بأي وسيلة ممكنة لحين من الدهر، طال أم قصر .. وبسبب ذلك وما إن  تتضح الأمور وتنكشف الحقائق ويتبين زيف وخداع الخادعين، تنشأ على إثرها  أزمة  ثقة.
    

      ليت الأمر يقف عند هذا الحد، لكان الأمر أهون بعض الشيء، لكن الذي يُخشى منه  هو أن يتحول الجميع في المجتمع إلى ممارسة اللعبة نفسها، أي أن المخدوع سيلعب من الآن وصاعداً اللعبة نفسها مع خادعه أو غيره، فيتحول المجتمع إلى مجتمع خادع ومخدوع، وتكون النتيجة تعطل كثير من المصالح فيه.
     
       تصور أن ابناً يخدع والده ويخفي عنه الحقائق، أو قيام موظف بذلك مع مديره، تصور أن الحياة تحولت إلى لعبة مَنْ يخدع مَنْ، تصور كل هذا ثم اسأل نفسك: كيف ستكون الأمور في نهاية الأمر؟ بالطبع الإجابة واضحة ولا تحتاج لكثير شروحات وتفصيلات.. أليس كذلك ؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق