الاثنين، 28 فبراير 2011

التاريخ يعيد نفسه ..


   من يقرأ في سير وتاريخ طغاة البشر على مر العصور ، سيجد أنهم في السير والتاريخ متشابهون ، من حيث الصعود الى كرسي الحكم والسيطرة على البلاد والعباد ومن ثم إعمال الفساد والإفساد الى أن تكون نهايتهم أليمة غير مأسوف عليها ..
    
  ما يحدث الآن في ليبيا وخلال سنوات سابقة أيضاً ، هو شبيه بما حدث في روما في عهد الإمبراطور الطاغية نيرون .. الذي وصل لسدة الحكم ليس لجدارته بل لأن مؤامرات عديدة حدثت في القصر أوصلته الى كرسي الحكم حتى ندم من أوصلوه إليه أشد الندم ولكن بعد فوات الأوان ..
     
  صعد نيرون إلى عرش الحكم وبدأ بالظلم والقهر، ومعه بدأت معاناة الشعب ، بل لم يقتصر ظلمه على الشعب فحسب ،  بل امتدت يده لتبطش بأقرب الناس إليه ، فقتل أمه ومعلمه "سينيكا"  ، ثم بعد ذلك  قتل زوجته أوكتافيا، وقتل أخاه ، وعدد من رجال الدين المسيحي العظام يومئذ ..
   
  وجاءت سنة 64 ميلادية  ليدون التاريخ واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت فيه وهي حريق روما الشهير  ، حيث عمل نيرون على زيادة تعذيب الشعب فقام بإشعال النار في روما وجلس متفرجاً متغنياً بأشعار هوميروس ومستعيداً لأحداث طروادة، وأكلت النيران  روما  والتي استمرت  لأكثر من أسبوع ، أحرقت الأخضر واليابس ومعها أرواح البشر من رجال ونساء وأطفال ..   
   
  كما ذهبنا في المقدمة إلى أن نهايات الظلمة أليمة ، بل لابد أن تكون أليمة مميتة ، فما فعله بالناس أكثر إيلاماً وبشاعة من نهايته هو نفسه .. والله الذي يمهل لا يهمل ، وسبحانه إذا أخذ الله الظالم لم يفلته وهذا ما حدث مع نيرون كمثال ..
   
  من التاريخ نتعلم كذلك أن  كل ظالم تكون نهايته بثورة ومن نوع ما ، والطاغية نيرون كانت نهايته بثورة شعبية ، حيث اجتمع العديد من الناس ورجال المملكة وقرروا  عزل نيرون بأي ثمن ، فتم لهم ذلك وعزلوه من بعد تقديم تضحيات كثيرة ،  وحكم عليه بالقتل ضرباً بالعصي ..  وتقول بعض الروايات أنه أبى  على نفسه أن يُقتل بيد شعبه فقتل نفسه، وقيل في روايات أخرى أنه أمر كاتم أسراره بقتله، وقيل أيضاً أن الجنود انقضوا عليه فقطعوه بسيوفهم إرباً ،  فكانت نهايته أليمة ذليلة هي بعض ما يستحق من جزاء في هذه الدنيا قبل الآخرة .. وكان ذلك عام 68م. 
   
  هذا نموذج لطاغية متجبر يذكره التاريخ إلى يومنا هذا والى ما شاء الله . وليست المشكلة في هذا بل في تكرار النماذج وإصرار الطغاة السير على منهج من سبقوهم من النظراء المتجبرين ، رغم اليقين في اللاوعي عندهم أن النهاية واحدة وأليمة ولكن مع ذلك يظهرون هنا وهناك ولا يتعظون  أو يعتبرون ..      ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .. )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق