الأحد، 27 فبراير 2011

لا تكن ضحية رغبات الآخرين ..

 حاول أن تتخيل معي المشاهد التالية قبل الخوض في موضوع اليوم.. 

   اشتريت عطراً أعجبك، ولكن بعد الاستخدام وجدت أحدهم يقلل من قيمته ورائحته، فتشعر أنه يعنيك أو يعيب على ذوقك بشكل مباشر، فيحدث نوع من القلق في استخدامك للعطر مرة أخرى، وتظل كلمات ذاك الشخص عالقة في ذهنك، وتكون النتيجة عدم استخدامه لئلا يأتي شخص آخر ويكرر نفس العبارات!


   قمت بتدخين بيتك مثلاً بنوع من أنواع العود أو البخور، فيأتي أحدهم إلى بيتك ويبدأ بالتأفف من الرائحة وأن هناك أنواعا أفضل من هذا العود الذي عندك.. فيصيبك بعض الحرج وربما لا تهتم ظاهرياً، لكنه أحدث عندك نوعاً من الشك في ذوقك واختياراتك وتكون النتيجة نفس السابقة، وهي عدم استخدام هذا النوع من العود أو البخور!

مثالان واضحان بنفس السيناريو ونفس النتائج.. لكن ماذا أريد أن أصل بهما معكم اليوم؟
الأمر باختصار شديد يتعلق بمسألة الذات ومدى تقدير أحدنا لذاته أو العكس وهو التقليل من شأنه..

   أنت اشتريت العطر لأنه مناسب لذوقك أو لأنه أعجبك، فما علاقة الآخرين به؟ بل لماذا تهتم بأذواق الآخرين بمراعاة أذواقهم وأحاسيسهم ومشاعرهم فيما تجلد ذاتك وتعاتبه على أنك آذيت الغير بذوقك ذاك؟ ثم إنك تحب نوعاً من البخور والعود فلماذا تعاتب نفسك لأن هذا النوع لم يناسب فلاناً أو علاناً؟

   هل لاحظتم أننا نظلم أنفسنا وذواتنا كثيراً في مسائل حياتية عديدة ويومية، لا لشيء ولا بسبب الناس ولكن بسبب أنفسنا نحن قبل غيرنا. نحن وبحكم أفكارنا وثقافاتنا وعاداتنا، نتربى على جلد الذات وعلى التقليل من شأنه ومعاتبته لأدنى نقد من الآخرين.. همنا الأول والأخير هو الناس.. نهتم جدا بإسعادهم وتقديرهم واحترامهم وتلبية رغباتهم وتنفيذ مقترحاتهم، وبالمقابل نقوم بتهميش أذواقنا وآرائنا والتقليل من أي عمل نقوم به إذا ما واجهنا أحد بنقده أو إظهار عيوب فيه!

   إذا عاش أحدنا وهو يستجدي رضا الناس ويطلب استحسانهم لأي أمر يقوم به، فلا أظن أنه سيجد مبتغاه، لأن رضا الناس غاية لا تُدرك فعلاً كما في الأمثال.. والأجدى أن يتوجه أحدنا إلى إرضاء نفسه وإعادة الثقة إليها، مع عدم الالتفات إلى القيل والقال والنقد والمقال، وأحسب أن الأمر ليس هيناً ولكنه أفضل وأنفع من استجداء إحسان الآخرين، أليس كذلك ؟

هناك تعليق واحد:

  1. كلام سليم 100/100
    بارك الله فيك وكثر من امثالك .

    ردحذف