الثلاثاء، 15 فبراير 2011

المراهقون في البيوت ..



   تنتهي السجالات والنقاشات إلى أمرين لا ثالث لهما، أولهما: أن ينصاع الرافض للتوجه العام بالبيت ورغبة الجميع، فيخرج مكرَهاً تدور في ذهنه أو ذهنها آلاف الأفكار للمرة المقبلة التي تتكرر القصة نفسها ولسان الحال يقول: انتظروني فقط ! أما الأمر الثاني فهو أن يزيد التوتر ويزداد العناد ويتصلب المراهق أو المراهقة، فيتم في النهاية إما إلغاء فكرة الخروج من البيت وهو السيناريو الأسوأ لجميع أفراد الأسرة بمن فيهم المراهق أو المراهقة، وإما أن تخرج العائلة ولا تبالي فيما يبقى الرافض للفكرة بمكانه.

   هذا الفيلم الأسبوعي أو المتكرر تجده معروضاً في كل بيت. كل أب يعاني وكل أم تعاني أكثر. وسبب المعاناة هو هذا المراهق أو تلك المراهقة أو كما نظن نحن الآباء ذلك، فيما السبب في تكرار هذا الفيلم هو نحن: الأب والأم.. كيف؟

  نحن نريد أن نفرض الأوامر والقيود ونعمِّم التعليمات وننشر المراسيم واللوائح والقوانين في البيت، نحول فجأة هذا البيت الهادئ إلى مؤسسة عسكرية صارمة، كلها أوامر وتعليمات وواجبات.. نظن ونحن نشرع في سن القوانين والتعليمات أن الأبناء كما هم ما زالوا صغاراً في سن الروضة والابتدائية.. السن التي يمكن التحكم بهم فيها، وتوجيههم كما نريد، ولا يخطر على البال أن الزمن يدور والحياة متغيرة.

   لابد أن ندرك أن البيت إنما هو نموذج مصغر للمجتمع الكبير، لا يمكن أن تجد كل أفراده على قلب رجل واحد أو يسيرون وفق تناغم معين، بل لا بد مثلما أن بالمجتمع معارضة، أن يكون بالبيت كذلك جبهة معارضة. إما أن تكون في شخص مراهق واحد وإما في عدد منهم إخوة وأخواتالمجتمعات المتقدمة الديمقراطية حتى تحفظ أمنها وتسير بخطى واثقة، الجميع يسمع للجميع. هناك رأي ورأي آخر، لا يعيب أحد على رأي غيره، ويحدث نقاش بشكل ديمقراطي لأي موضوع يمس الجميع، حتى يتم الاتفاق بالأغلبية على أفضل الآراء.. إن مثل هذه القيم التي نراها في تلك المجتمعات إنما نشأت أساساً في البيوت، حتى إذا جاء وقت تطبيقها عملياً بالمجتمع، وجدت الجميع يفهمها ويتفاعل معها ..

  من هنا ندرك أهمية البيوت في بناء المجتمعات والدول . كلما كانت البيوت آمنة مطمئنة متماسكة ، كلما كانت المجتمعات المحتوية لتلك البيوت بالمثل آمنة مطمئنة قوية ، وهذا بالضرورة ينعكس على الدولة نفسها .. معادلة رياضية دقيقة ولكنها لا تحتاج لكثير شروحات وتفاصيل ، أليس كذلك ؟