الأحد، 16 يناير 2011

من التاريخ نتعلم ..


   بالأمس ذكرنا قصة الصحابي حاطب بن أبي بلتعة قبيل فتح مكة، وكيف أراد أن يرسل ويخبر قريشا بتجهيزات حضرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، لكنه لم يفلح، وانكشف أمره، لكنه لم يكذب على حضرة الرسول - صلى الله عليه وسلم ، فكان صدقه سبيلا لنجاته من العقوبة التي كانت طبيعية؛ لأنها خيانة عظمى بالمصطلحات العسكرية ، إلا أن تاريخه المشرف في معركة بدر أولاً ، ومن ثم الصدق في حديثه مع حضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، نجا من الموت ..



   ومن هنا يعلمنا حضرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن ننظر إلى الأمور بنظرة شاملة، خاصة حين نأتي ونحكم على الناس ونبدي رأيا فيهم. لا يجب أن يضيق أفقنا في الأمور، ونتفاعل مع موقف واحد يبدر من شخص، فننسى أو نتناسى مواقف عديدة جميلة شريفة له أو لها، وننجرف وراء العاطفة اللحظية فنظلم الناس ..


   ذاك درس أول. أما الثاني فيتعلق بالجميل من العمل الذي لا بد أن نكثف الجهد ونزيد منه قدر المستطاع؛ لأن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، ولأن الحسنات يذهبن السيئات، أو هكذا هي الحياة.

   الشاهد من الحديث أن مثل هذه المفاهيم شبه غائبة عن مواقع العمل الكثيرة وعن القيادات وأصحاب اتخاذ القرار، فقد تجد أحدهم يكد ويجتهد ويبذل الجهد ويبدع في عمله، لكنه في يوم ما يخطئ خطأ معينا أو تصدر عنه سلبية، فتقوم قيامة المسؤول الذي تتحكم فيه العاطفة حينها، فيتخذ عقوبة أو حكما قاسيا بحق ذاك المبدع المجتهد، دون أن تكون لسوابقه أو ماضيه الجميل أي أهمية أو أن يدع تلك الجمائل تلعب دور الوسيط أو الشفيع، كما كان مع حضرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يتعامل مع قضية خطيرة كبيرة قام بها واحد من صحابته.

   هذه مشكلتنا في الإدارة العربية بشكل عام.. فالأهواء والمزاجية من سماتها، وسرعة اتخاذ القرار حين لا يتطلب الموقف السرعة مظهر بارز من مظاهرها.. هكذا الأمور عند بعض القيادات الإدارية مختلطة، وبسببها تضيع الحقوق، ويندثر المجتهدون، ويسود الإحباط.

   دروس السيرة النبوية عظيمة وعديدة ومتنوعة، تنفع في الإدارة والسياسة وقيادة الرجال. وكلما تمعن أحدنا في السيرة الشريفة لحضرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كلما استخرج الدرس تلو الآخر، وفطن إلى أمور لم يكن يدركها إلا بعد أن يكون قد قرأ قصة أو حادثا وقع في حياته صلى الله عليه وسلم مع أصحابه والناس. وتلك أهم الأسباب الداعية لقراءة ودراسة سيرته صلى الله عليه وسلم، فإنها ليست قصصا تروى، بل دروسا تُعطى، ومنهجاً يسير عليه الراغبون في الصلاح والإصلاح .. فهل نفعل أيها القادة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق