الأحد، 9 يناير 2011

هل نهدأ بعض الشيء ؟


   لا بد أنك جلست يوما مع نفسك تندب حظك السيئ لعدم الوصول إلى حالة الهدوء والاطمئنان، التي يعيشها البعض. وتتساءل عن السر في هروب الهدوء من حياتك، والسر كذلك في انشغالاتك التي ليس لها حدود عندك، وكيف يمكن الوصول إلى محطة الهدوء تلك للتزود منها ببعض ما يمكن أن يخفف التوتر والضغط النفسي عنك، ولو لدقائق معدودة كل يوم.

   
  لو نظر أحدنا إلى واقعه اليومي الذي يعيشه، سيجد أنه يعيش مع التوتر والقلق والاضطراب. يبدأ يومه بالتذمر والشكوى من زحمة الطريق، والقلق من الوصول إلى العمل متأخراً، وقد يكون  مزاجه قد تعكر قبل الخروج من البيت، حين اصطدم برغبة ولده للتغيب عن المدرسة ، ليس لشيء سوى رغبة في عدم الذهاب فقط، فتبدأ محاولات صده عن تحقيق تلك الرغبة، وتجميل صورة المدرسة له، لتنتهي بتعنيفه وإرغامه على الذهاب، ولو سالت أنهار من الدموع من عينيه.
  
    يذهب إلى العمل ليعيش مواقف حياتية عديدة تمر عليه، منها سارّ ومنها عكس ذلك، ليرجع المنزل مرة أخرى ويصطدم بزحمة المرور، وتتوتر أعصابه من تلك الزحمة، ليصل البيت وسط ضجيج التلفزيون وبرامج الأطفال ومشاكساتهم التي لا تتوقف إلا بعد نومهم

  
    ما ذكرناه نموذج لحالة تحدث مع كثيرين، لكن البعض له القدرة على ضبط أعصابه والتعامل مع المتغيرات والروتين اليومي بكل هدوء وصبر، أي يتحكم في حالته ونفسيته قدر المستطاع، ولا يستسلم لتلك المتغيرات أو ذاك الروتين الممل.. فما السر وراء نجاح أولئك البعض في الاستمتاع بحياتهم اليومية، وكيفية التحكم فيها؟
   
  إن سر سعادة أولئك البعض يكمن في إجبار أنفسهم على اللجوء إلى محطة الهدوء، عبر تخصيص وقت معين في كل يوم لا يسمحون فيه لأي أمر أو ظرف أو حادث أن يشاركهم في الدخول لتلك المحطة. ولعل أفضل الأوقات للدخول إلى تلك المحطة يكون قبيل منتصف الليل أو بعد الفجر وقبل شروق الشمس. فإنك في تلك الأوقات تتعرف على معنى ونعمة الهدوء. لا تلفزيون ولا اتصالات ولا أطفال ولا ضجيج سيارات أو بشر. ستشعر في تلك الأوقات براحة أعصاب لا مثيل لها، ولا يمكن أن يوفرها لك أي نوع من عقاقير المهدئات، ولعل السر في استحباب العبادة في الهزيع الأخير من الليل يكمن في توفر أجواء الهدوء والطمأنينة المساعدة على التركيز والخشوع.

  
  
     لو أننا تدربنا على ضبط أعصابنا، وخصصنا أوقاتا نستمتع فيها بالهدوء والاسترخاء، لأمكننا أن نتجنب كثيرا من الأمراض العضوية والنفسية، والتي للتوتر والقلق دور بارز في ظهورها..

                        فهل نهدأ بعض الشيء؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق