الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

افهم الحياة لكي تسعد



   قلنا بالأمس إن حياتنا الدنيا ما هي إلا عمليات متكررة ومستمرة، نخوض عملية تلو أخرى من وقت لآخر، ومع قليل من التمعن فيها، نجد أنها هي نفسها تتكرر وفي أوقات مختلفة ولظروف مختلفة أو أحياناً بسبب نفس الظروف.


   إن فَهْمَنا لحقيقة وقوع تلك العمليات الحياتية هي الخطوة الأولى نحو السيطرة على مجريات الأمور في حياتنا والتحكم كذلك في كثير من المشاعر التي تتدفق مع بدء كل عملية، ومروراً بما يحدث خلالها وانتهاءً بما يكون في نهاية كل عملية، أو التبعات والنتائج المترتبة عليها.


   إن الخطوة التالية التي نريد أن نفهمها هي أن المشاعر التي تتدفق وتملأ النفوس مع كل عملية، سواء كانت مشاعر إيجابية بنّاءة أم سلبية هادمة، نحن من يتحكم في كمية تدفقها ووقت تدفقها أو متى تبدأ ومتى تنتهي. وخذ على ما نقول بعض الأمثلة الحياتية.


   حين تمر بعملية حياتية ما تكون نتيجتها سلبية ويكون التوتر أبرز نتائجها، يمكنك على الفور ضبط النفس بقليل من التمعن في العملية نفسها ومعرفة السبب أو بعض الأسباب التي دفعت بعملية سلبية صوبك. إذ بالتمعن في تلك الأسباب ستجد أنها هي نفسها التي كانت قد مرت بك قبل حين من الدهر قصير، مع احتمالية أن تكون بعض المظهريات قد تغيرت، إلا أنها غالباً ما تكون شبيهة.


  إن معرفتك بتلك الأسباب ستؤدي بك حتماً إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لعدم تكرار المشاعر السلبية معك في المرة الثالثة ولا أقول الثانية، لأن المرء منا يحتاج عادة تجربتين حتى تترسخ عنده الفكرة ويكون قادراً على اتخاذ كل ما يلزم لتجنبه في التجربة الثالثة. ولا أقول إنه يمكنك منع عملية بذاتها، فهذا أمر لا يمكن تجنبه أو دفعه أو منعه، ولكن يمكنك التحكم فيما يمكن أن ينتج وينشأ عنها من مشاعر. فالمشاعر هي الأهم في الموضوع، باعتبار أنها الوقود الفاعل في عمليات أخرى مصاحبة، كاتخاذ قرار طائش لا مسؤول بسبب مشاعر إحباط أو توتر أو قلق.


   إن توترت في يومك، فاعلم السبب وتصرف معه بعقلانية، وإن أصابك إحباط، فاعلم أنه ربما يكون بسبب أمر، أنت من تسبب فيه. وإن أصابتك حسنة، فاشكر الله وتعرف على أسبابها وكيفية المحافظة عليها والبحث عنها. وهكذا في كل أمورنا الدنيوية.

   حين نفهم تلك الحقائق مضافا إليها حقيقة أخرى أهم هي أنه لا يوجد شيء خالد ولا دائم في هذه الدنيا، سوى وجهه الكريم، نكون بذلك قد أنجزنا الكثير الكثير في رحلتنا نحو الحياة الأخرى الحقيقية، حيث الخلود وحيث الشعور الواحد غير المتغير، شعور الرضا والسعادة، دون حزن أو هم وغم، ويومئذ يفرح المؤمنون بفضل الله وكرمه ورحمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق