الاثنين، 18 أكتوبر 2010

سبعون يوما تحت الأرض - الحلقة الثانية


   نواصل الحديث عن أهم ما يمكن أن يثير الانتباه في قصة العمال التشيليين الذين شاءت الأقدار أن يعيشوا حياة لا يمكن أن يفكر فيها أحد من البشر وللفترة التي قضوها وهي سبعون يوما تقريباً ، لا هواء نقيا ً ولا شمسا ولا قمرا ..

   لقد أكد الحدث على أهمية وقيمة الإنسان وخاصة في أوقات المحن والشدائد، التي تكشف معادن الناس وتتفجر فيها المشاعر الدافعة للعمل والابتكار وربما يصل الأمر إلى الإبداع .. وتفيد الأحداث كذلك أهمية تسخير العلم والتقنية في خدمة الإنسان ، لتؤكد عملية الإنقاذ ، المقولة الشهيرة أن الحاجة أم الاختراع .. فلولا قصة احتجاز العمال تحت ذاك العمق البعيد ما ظهرت آلة الرفع وجاءت فكرة الحفر ، على الرغم من أن شركات المناجم تعمل من عقود كثيرة في ظروف شبيهة ..


   أفادتنا القصة كذلك ضرورة وأهمية حسن الظن بالآخرين، فليس شرطاً إن قامت حكومة ما بعمل شبيه بعملية إنقاذ العمال التشيليين على سبيل المثال، أن نشكك في مساعيها ونواياها وأن وراء ذلك أجندة سياسية أو غيرها. وحتى لو كان الأمر كذلك، فليس مطلوباً منا كبشر إساءة الظن بالآخرين، بل الأصل هو العكس حتى يتبين الأمر، وهذا أمر معروف في الأديان السماوية، بل هو الأساس لمن ينشد السعادة وصفاء الذهن.


  التفاعل الإنساني بدا واضحا ، والعالم يشاهد عمليات الإنقاذ ويتابعها ، ويتفاعل مع العمال ومشاعرهم الجياشة الفرحة بقرب العودة للحياة والالتقاء بالأحبة . ليؤكد المشهد أن الأصل في العلاقات بين البشر هو الحب والاحترام والتفاعل مع بعضهم البعض بصور شتى في الأفراح والأحزان والمصاعب والشدائد .. وأن الحاصل الآن من نزاع وشقاق وحروب هنا وهناك ، هو الاستثناء وليس الأصل .
   
  أخيرا تؤكد العملية على قدرة الإنسان حماية نفسه وبيئته ومن فيها ويرتبط بها إن أراد ، وقدرته على قلب الأمور وإحداث العكس من ذلك ، في تأكيد واضح لحقيقة أن الإنسان يولد وهو مجبول على حب الخير والسعي إليه ونشره ، وأن ما يحدث خلاف ذلك هو استثناء أيضاً وليس أصلاً ..


  تلك كانت بعض المعاني التي يمكن التوصل إليها بقليل من التفكر والتدبر في عملية إنقاذ العمال ، ومن المؤكد أنها تحمل معاني أكثر فأكثر لمن أراد أن يعتبر أو يتذكر.

هناك تعليقان (2):

  1. ولعل هذه الحادثة تكشف أيضاً كيف يقدر الغرب قيمة الإنسان ومكانته ليس كبعض العرب يذل الإنسان عندهم ولا يعطى أبسط حقوقه ، ولا نسى البدون الذين تربوا في بعض الدول وهم محرومون من الصحة والتعليم.
    وكذلك لا نسى العبارة المصرية وفقد الكثير من الأرواح مع أنهم كانوا على سطح البحر والتأخير أدى إلى موتهم وأكل الأسماك لحومهم مع أنهم تلقوا إشارة من القبطان.
    أخي الكريم في الغرب يعاولون رعاياهم أفضل رعاية وهذه خلاصة الكلام والله المستعان

    ردحذف
  2. اتفق معك أخي الكريم محمد وليتنا نتعلم بعض ايجابيات الغرب كما نتعلم سلبياته الكثيرة ..
    تحياتي

    ردحذف